الفضل ، عن محمد بن زياد. قال : قدم زياد المدينة فخطبهم وقال : يا معشر أهل المدينة إنّ أمير المؤمنين حسن نظره لكم ، وإنه جعل لكم مفزعا تفزعون إليه ، يزيد ابنه. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : يا معشر بني أميّة اختاروا منها بين ثلاثة ، بين سنّة رسول الله ، أو سنّة أبي بكر ، أو سنّة عمر ، إنّ هذا الأمر قد كان ، وفي أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من لو ولّاه ذلك ، لكان لذلك أهلا ، ثم كان أبو بكر ، فكان في أهل بيته من لو ولّاه ، لكان لذلك أهلا ، فولّاها عمر فكان بعده ، وقد كان في أهل بيت عمر من لو ولّاه ذلك ، لكان له أهلا ، فجعلها في نفر من المسلمين ، ألا وإنّما أردتم أن تجعلوها قيصرية ، كلّما مات قيصر كان قيصر ، فغضب مروان بن الحكم ، وقال لعبد الرحمن : هذا الّذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) (١) فقالت عائشة : كذبت ، إنما أنزل ذلك في فلان ، وأشهد أنّ الله لعن أباك على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنت في صلبه.
وقال سالم بن عبد الله : لما أرادوا أن يبايعوا ليزيد قام مروان فقال : سنّة أبي بكر الراشدة المهديّة ، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : ليس بسنّة أبي بكر ، وقد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة ، وعدل إلى رجل من بني عديّ ، أن رأى أنه لذلك أهلا ، ولكنها هرقلية.
وقال النعمان بن راشد ، عن الزّهري ، عن ذكوان مولى عائشة قال : لما أجمع معاوية على أن يبايع لابنه حجّ ، فقدم مكة في نحو من ألف رجل ، فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر ، وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، فلما قدم معاوية المدينة (٢) حمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر ابنه يزيد فقال : من أحقّ بهذا الأمر منه ، ثم ارتحل فقدم مكة ، فقضى طوافه ، ودخل منزله ، فبعث إلى ابن عمر ، فتشهّد وقال : أما بعد يا بن عمر ، إنك كنت تحدّثني أنك لا تحب تبيت ليلة سوداء ، ليس عليك فيها أمير ، وإني أحذّرك أن تشقّ عصا المسلمين ، أو تسعى في فساد ذات بينهم. فحمد ابن عمر الله وأثنى عليه ،
__________________
(١) الأحقاف / ١٧.
(٢) في تاريخ خليفة : ٢١٣ «فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فحمد الله ...».