قال : عمد إلى رجل من قاصية قريش ، ليس من رهطه فاستخلفه ، فإن شئت أن تنظر أيّ رجل من قريش شئت ، ليس من بني عبد شمس ، فنرضى به.
قال : فالثالثة ما هي؟
قال : تصنع ما صنع عمر.
قال : وما صنع؟.
قال : جعل الأمر شورى في ستة ، ليس فيهم أحد من ولده ، ولا من بني أبيه ، ولا من رهطه.
قال : فهل عندك غير هذا.
قال : لا.
قال : فأنتم؟.
قالوا : ونحن أيضا.
قال : أما بعد ، فإنّي أحببت أن أتقدّم إليكم ، إنه قد أعذر من أنذر ، وإنه قد كان يقوم القائم منكم إليّ فيكذّبني على رءوس الناس ، فأحتمل له ذلك ، وإني قائم بمقالة ، إن صدقت فلي صدقي ، وإن كذبت فعليّ كذبي ، وإنّي أقسم بالله لئن ردّ عليّ إنسان منكم كلمة في مقامي هذا ألّا ترجع إليه كلمته حتى يسبق إليّ رأسه ، فلا يرعينّ رجل إلّا على نفسه ، ثم دعا صاحب حرسه فقال : أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين من حرسك ، فإن ذهب رجل يرد عليّ كلمة في مقامي ، فليضربا عنقه ، ثم خرج ، وخرجوا معه ، حتى رقي المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنّ هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يستبدّ بأمر دونهم ، ولا يقضى أمر إلا عن مشورتهم ، إنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ابن أمير المؤمنين من بعده ، فبايعوا بسم الله ، قال : فضربوا على يده بالمبايعة ، ثم جلس على رواحله ، وانصرف الناس فلقوا أولئك النفر فقالوا : زعمتم وزعمتم ، فلما أرضيتم وحيّيتم فعلتم ، فقالوا : إنّا والله ما فعلنا. قالوا : ما منعكم؟ ثم بايعه الناس (١).
* * *
__________________
(١) تاريخ خليفة ٢١٥ ، ٢١٧.