مقعده من النار» (١).
ثم جاء العام المقبل ، وقد ادّعاه.
قال الشعبي : ما رأيت أحدا أخطب من زياد.
وقال قبيصة بن جابر : ما رأيت أخصب ناديا ، ولا أكرم جليسا ، ولا أشبه سريرة بعلانية من زياد ، ما كان إلا عروسا.
وقال الفقيه الوزير أبو محمد بن حزم في كتاب «الفضل» (٢) : ولقد امتنع زياد وهو فقعة القاع (٣) لا عشيرة له ولا نسب ، ولا سابقة ، ولا قدم ، فما أطاقه معاوية إلا بالمداراة ، حتى أرضاه وولّاه.
وقال أبو الشعثاء جابر بن زيد : كان زياد أقتل لأهل دينه ممّن يخالف هواه من الحجّاج ، وكان الحجّاج أعلم بالقتل.
وقال ابن شوذب : بلغ ابن عمر أنّ زيادا كتب إلى معاوية : إني قد
__________________
(١) تهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٤١٢.
وقد أخرج البخاري في الفرائض ١٢ / ٤٦ : بأب من ادّعى إلى غير أبيه ، من طريق مسدّد ، عن خالد بن عبد الله الواسطي ، عن خالد بن مهران الحذّاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سعد رضياللهعنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «من ادّعى إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام». فذكرته (أي ذكره أبو عثمان النهدي) لأبي بكرة ، فقال : وأنا سمعته أذناي ، ووعاه قلبي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأخرجه مسلم (٦٣) من طريق : عمرو الناقد ، حدّثنا هشيم بن بشير ، أخبرنا خالد عن أبي عثمان قال : لما ادّعي زياد لقيت أبا بكرة ، فقلت له : ما هذا الّذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقّاص يقول : سمع أذناي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : «من ادّعى أبا في الإسلام غير أبيه ، يعلم أنه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام» فقال أبو بكرة : وأنا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال ابن حجر في (فتح الباري ١٢ / ٤٦) : وكان كثير من الصحابة والتابعين ينكرون ذلك على معاوية محتجّين بحديث : «الولد للفراش» ، وإنما خصّ أبو عثمان النهدي : أبا بكرة بالإنكار ، لأنّ زيادا كان أخاه من أمّه.
(٢) الفصل في الملل والنّحل ـ ج ٤ / ١٧٢ (باب الكلام في الإمامة والمفاضلة) ـ تحقيق د. محمد إبراهيم نصرود. عبد الرحمن عميرة ـ طبعة دار الجيل ، بيروت ١٩٨٥.
(٣) الفقعة : جمع فقع ، وهو نوع من الكمأة البيضاء التي تظهر على وجه الأرض ، فتوطأ ، ومنها الكمأة السوداء التي تستتر في الأرض ، ويقال للذي لا أصل له : فقع. أما القاع : فهي الأرض الواسعة السهلة.