إذا خير الناس ، أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة ، فقال معاوية : يا أمير المؤمنين سأحدّثك : إنّا بأرض الحمّامات والريف ، فقال عمر : سأحدّثك ، ما بك إلا إلطافك نفسك بأطيب الطعام ، وتصبّحك حتى تضرب الشمس متنيك ، وذوو الحاجات وراء الباب ، قال : فلما جئنا ذا طوى ، أخرج معاوية حلّة ، فلبسها ، فوجد عمر منها ريحا طيبة ، فقال : يعمد أحدكم فيخرج حاجّا تفلا (١) ، حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطّيب فيلبسهما ، فقال : إنما لبستهما لأدخل فيهما على عشيرتي ، والله لقد بلغني أذاك ها هنا وبالشام ، والله يعلم إني لقد عرفت الحياء فيه ، ونزع معاوية الثوبين ، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما (٢).
وقال أبو الحسن المدائني : كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال : هذا كسرى العرب (٣).
وروى ابن أبي ذئب ، عن المقبريّ قال : تعجبون من دهاء هرقل وكسرى ، وتدعون معاوية (٤).
وقال الزّهري : استخلف عثمان ، فنزع عمير بن سعد ، وجمع الشام لمعاوية.
وقال مجالد ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي قال : لا تكرهوا إمرة معاوية ، فإنكم لو فقدتموه رأيتم الرءوس تندر عن كواهلها (٥).
وروى علقمة بن أبي علقمة ، عن أمّه قالت : قدم معاوية المدينة ، فأرسل إلى عائشة : أرسلي إليّ بأنبجانية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشعره ، فأرسلت
__________________
(١) التفل : الّذي ترك استعمال الطيب ، من التفل وهي الريح الكريهة.
(٢) أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد ٢٠٢ ، ٢٠٣ رقم ٥٧٦ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١٢٥ ، ابن حجر في الإصابة ٣ / ١٣٤.
(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٢٥.
(٤) تاريخ دمشق ١٦ / ٣٦٠ أ.
(٥) تاريخ دمشق ١٦ / ٣٦٠ أ. وفيه «تندر عن كواهلها كالحنظل».