بذلك معي أحمله ، فأخذ الأنبجانية ، فلبسها ، وغسل الشعر بماء ، فشرب منه ، وأفاض على جلده (١).
وروى أبو بكر الهذلي ، عن الشعبي قال : لما قدم معاوية المدينة عام الجماعة ، تلقّته رجال قريش فقالوا : الحمد لله الّذي أعزّ نصرك وأعلى أمرك ، فما ردّ عليهم جوابا ، حتى دخل المدينة ، فعلا المنبر ، ثم حمد الله وقال : أمّا بعد ، فإنّي ـ والله ـ ما وليت أمركم حين وليته ، إلا وأنا أعلم أنكم لا تسرّون بولايتي ، ولا تحبّونها ، وإنّي لعالم بما في نفوسكم ، ولكن خالستكم بسيفي هذا مخالسة ، ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة ، فلم أجدها تقوم بذلك ، وأردتها على عمل عمر ، فكانت عنه أشدّ نفورا ، وحاولتها على مثل سنيّات عثمان فأبت عليّ ، وأين مثل هؤلاء ، هيهات أن يدرك فضلهم أحد من بعدهم ، غير أني قد سلكت بها طريقا لي فيه منفعة ، ولكم فيه مثل ذلك ، ولكلّ فيه مؤاكلة حسنة ومشاربة جميلة ما استقامت السيرة ، وحسنت الطاعة ، فإن لم تجدوني خيركم ، فأنا خير لكم ، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه ، ومهما تقدّم ممّا قد علمتمونه ، فقد جعلته دبر أذني ، وإن لم تجدوني أقوم بحقّكم كلّه ، فارضوا منّي ببعضه ، إنها ليست بقائبة قوبها (٢) ، وإنّ السيل إذا جاء تترى ، وإن قلّ أغنى ، وإيّاكم والفتنة ، فلا تهمّوا بها ، فإنّها تفسد المعيشة ، وتكدّر النعمة ، وتورّث الاستئصال ، وأستغفر الله لي ولكم ، ثم نزل (٣).
وقال جندل بن والق (٤) وغيره : ثنا محمد بن بشر ، ثنا مجالد ، عن أبي الودّاك ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه» (٥).
__________________
(١) تاريخ دمشق ١٦ / ٣٦١ ب.
(٢) في النهاية : يقال قبيت البيضة فهي مقوبة : إذا خرج فرخها منها ، فالقائبة : البيضة ، والقوب : الفرخ.
(٣) تاريخ دمشق ١٦ / ٣١٦ ب ، البداية والنهاية ٨ / ١٣٢.
(٤) هو في الجرح والتعديل ٢ / ٥٣٥.
(٥) أخرجه ابن عديّ في (الكامل في ضعفاء الرجال ٦ / ٢٤١٦) وتحرّف فيه «أبي الودّاك» إلى =