وقال حريز بن عثمان : ثنا عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشيّ قال : لما بايع الحسن معاوية قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي : لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلّم عيي عن المنطق ، فيزهد فيه الناس ، فقال معاوية : لا تفعلوا ، فو الله لقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمصّ لسانه وشفته ، ولن يعيا لسان مصّه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو شفّه ، قال : فأبوا على معاوية ، فصعد معاوية المنبر ، ثم أمر الحسن فصعد ، وأمره أن يخبر الناس : إني قد بايعت معاوية ، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيّها الناس إنّ الله هداكم بأوّلنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وإني قد أخذت لكم على معاوية أن يعدل فيكم وأن يوفّر عليكم غنائمكم ، وأن يقسم فيكم فيئكم ، ثم أقبل على معاوية فقال : أكذاك؟ قال : نعم.
ثم هبط من المنبر وهو يقول ويشير بإصبعه إلى معاوية : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (١) فاشتدّ ذلك على معاوية ، فقالوا : لو دعوته فاستنطقته يعني استفهمته ما عنى بالآية ، فقال : مهلا ، فأبوا عليه ، فدعوه فأجابهم ، فأقبل عليه عمرو ، فقال له الحسن : أما أنت فقد اختلف فيك رجلان ، رجل من قريش ورجل من أهل المدينة فادّعياك ، فلا أدري أيّهما أبوك ، وأقبل عليه أبو الأعور فقال له الحسن : ألم يعلن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان ، وهذا اسم أبي الأعور ، ثم أقبل عليه معاوية يعينهما ، فقال له الحسن : أما علمت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعن قائد الأحزاب وسائقهم ، وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي.
زهير بن معاوية : ثنا أبو روق الهزّاني ، ثنا أبو الغريف قال : كنّا في مقدّمة الحسن اثني عشر ألفا تقطر سيوفنا من الجدة (٢) عليه ، فقال الشاميّون : فلما أتانا صلح الحسن لمعاوية كأنّما كسرت ظهورنا من الغيظ ، قال : وقام سفيان من الليل إلى الحسن فقال : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين ، فقال : لا
__________________
(١) سورة الأنبياء / ١١١.
(٢) الجدة : الغضب كما في «القاموس المحيط» ، وفي الأصل : «الحدّة».