(المائدة / ٤٧)
فهذه المقاطع الثلاثة توضح أنّ التقنين أوّلاً والحكم ثانياً حقّ مخصوص لله لم يفوضه إلى أحد من خلقه ولأجل ذلك يصف من يعدل عنه بالكفر تارة والظلم أُخرى وبالفسق ثالثة.
فهم كافرون لأنّهم يخالفون التشريع الإلهي بالردّ والإنكار والجحود.
وهم ظالمون لأنّهم يسلِّمون حقّ التقنين الّذي هو خاصّ بالله إلى غيره.
وهم فاسقون لأنّهم خرجوا بهذا العمل عن طاعة الله.
وأمّا عمل الفقهاء والمجتهدين فهو إمّا استخراج الأحكام الشرعية من الكتاب والسنّة والاستخراج غير التشريع ، وإمّا تخطيط لكلّ ما يحتاج إليه المجتمع في إطار القوانين الإلهية ، والتخطيط غير التشريع.
الخامسة : التوحيد في الطاعة
والمراد أنّه ليس هناك من تجب طاعته بالذات إلّا الله تعالى فهو وحده الّذي يجب أن يطاع وأمّا طاعة غيره فإنّما تجب بإذنه وأمره.
قال سبحانه : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البيّنة / ٥) والدين في الآية بمعنى الطاعة أي مخلصين الطاعة له لا لسواه.
وعلى ذلك فكلّ من افترض الله طاعته والانقياد لأوامره والانتهاء عن مناهيه فبإذنه سبحانه وأمره ، قال سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) (النساء / ٦٤).
وبالجملة فهنا مطاع بالذات وهو الله سبحانه وغيره مطاع بالعرض وبأمره.
السادسة : التوحيد في الحاكمية
إنّ الحكومة حاجة طبيعية يتوقف عليها حفظ النظام بعد التشريع و