الكلي فرد حقيقي سوى الله سبحانه.
نعم اخترعت الأوهام لهذا الكليّ مصاديقَ خاطئة تصوروا أنّها من مصاديقه ولكنّها آلهة كاذبة ليست لها من الأُلوهية سوى الاسم الذي أطلقوه عليها ، يقول سبحانه : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) (النجم / ٢٣).
فإذا كان المتبادرُ من لفظ الجلالة شيء غير المعبود ، كواجب الوجود ، أو الذات الجامعة لصفات الجمال والكمال او خالق السماوات والأرض وما فيهنّ ومابينهنّ مدبّرها أو ما يقرب ممّا ذكر ، فليكن المتبادر من «الإله» هو ذلك غير أنّ أحدهما علم والآخر كلي.
ويؤيد وحدة مفهومها بالذات مضافاً إلى ما ذكرناه من وحدة المادة ، أنّه ربما يستعمل لفظ الجلالة مكان الإله بمعنى أنّه يستعمل في المعنى الكلي والوصفي دون العلمي فيصح وضعه مكان الإله كما في قوله سبحانه :
(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) (الأنعام / ٣) ، فالآية تهدف إلى أنّ إله السماء هو إله الأرض وليس هناك آلهة بحسب الأنواع والأقوام ، فالضمير (هو) مبتدأ ولفظ الجلالة خبر والمعنى هو المتفرد بالإلهيّة في السماوات فوزانها وزان قوله سبحانه :
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف / ٨٤).
فانّ اللفظين في الآيتين بمعنى واحد ، بمعنى أنّ لفظ الجلالة في الآية الأُولى خرجَ عن العلمية وعاد إلى الكلّية والوصفية ، ولذلك صح جعله مكانَ الإله في الآية الأُولى ، وجيء بنفس لفظ الإله في الآية الثانية.
وقريب من هاتين الآيتين الآية التالية إذ يقول سبحانه :