سعد ، وكان صخرة طويلة فأقبل رجل من بني مِلْكان بإبلٍ له مؤبلة ليقفها عليه ابتغاء بركته ، فلما أدناها منه ورأته وكان يُهراق عليه الدماء نفرت منه فذهبت في كلّ وجه فغضب ربّها فتناول حجراً فرماه به فقال : لا بارك الله فيك إلهاً أنفرْتَ إبلي ثمّ خرج في طلب الإبل حتى جمعها ثمّ انصرف يقول :
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا |
|
فشتتنا سعد فما نحن من سعد |
وهل سعدُ إلّا صخرة بتنوفة (١) |
|
من الأرض لا يدعى لغيّ ولا رشد (٢) |
هذا شأن عبدة الأصنام وأمّا شأن عبّاد الأجرام العلوية فحدّث عنهم ولا حرج ، فقد كانوا يعتقدون فيها ربوبية وتدبيراً للعوالم السفلية ، ولم تكن مناظرة إبراهيم عليهالسلام لهؤلاء إلّا لأنّهم كانوا يعتقدون بربوبية الكواكب والقمر والشمس ، ولأجل ذلك يصف إبراهيم آلهتهم بالربوبية مجاراة لهم حتى يقضي على تلك الفكرة ببرهان قاطع ، يقول :
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (الأنعام / ٧٦) وقد كرر لفظ الربّ أيضاً عند مواجهته للقمر والشمس.
يقول الآلوسي عند البحث عن عبادة الشمس :
زعموا أنّها ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهي أصل نور القمر والكواكب وتكوّن الموجودات السفلية كلّها عندهم منها وهي عندهم ملك الفلك فتستحق التعظيم والسجود والدعاء. ومن شريعتهم في عبادتها انّهم اتّخذوا لها ، صنماً بيده جوهر على لون النار ، وله بيت خاص قد بنوه باسمه وجعلوا له الوقوف الكثيرة في القرى والضياع ، وله سدنة وقوّام وحَجبة يأتون البيت و
__________________
(١) التنوقة : المفازة والقفر من الأرض
(٢) شكري الآلوسي : بلوغ الارب : ٢ : ٢٠٥ و ٢٠٨.