الْآفِلِينَ* فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام / ٧٤ ـ ٧٩).
نرى أنّ إبراهيم يركز على كلمة (رَبِّي) ويعترف مجاراة للقوم بربوبية الأجرام السماويّة ، ولم يزل يُظهر لهم أنّه على هذا الاعتقاد قبل أُفولها ، ثمّ يعود ويبطل ربوبيتها بأُفولها.
فما ذا كان المشركون يقصدون من الاعتقاد بربوبية الأجرام السماوية؟! وما ذا أراد بطل التوحيد حسب الظاهر من الاقرار بربوبيتها؟! أليس الربّ بمعنى الصاحب ، أليس سياسة المربوب وتدبير حياته بيد الربّ فهل يمكن أن يعبد هؤلاء هذه الأجرام من دون اعتقاد بتأثيرهم على حياتهم ومسيرتهم.
كلّ ذلك يعرب عن كيفية عقيدة المشركين بالنسبة إلى آلهتهم وأربابهم ، وإنّما جرّتهم إلى عبادتها لاعتقادهم الخاص بها.
* * *
٤ ـ إنّه سبحانه : «يصف اليهود والنصارى بأنّهم اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً. قال سبحانه : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة / ٣١).
وليس المراد أنّهم اعتقدوا بأنّ علماء دينهم ورهبانهم خالقون أو مدبرون للكون بل كانوا يعتقدون أنّ لهم شأناً من شئونه سبحانه : وهو أنّ لهم تحليل الحرام وتحريمه وانّه فوض إليهم زمام التشريع وبالتالي مصيرهم بأيديهم ويكفي ذلك في صدق الربوبية.