التعريف المنطقي لمفهوم العبادة
المقصود من التعريف المنطقي ، هو التعريف الجامع الشامل لجميع أفراد العبادة سواء كانت حقّة أو باطلة ، صحيحة أو فاسدة ، و ـ التعريف ـ المانع عن دخول غيرها ، ممّا ليس من مصاديقها وجزئياتها ، وإن كانت شبيهة بها في الظاهر ، ولكنّها في الواقع تكريم وتبجيل ويتوهمها الجاهل عبادة.
وبما أنّا لم نقف على تعريف للعبادة ، في الكتاب والسنّة ، لا محيص لنا عن اصطياده عن طريق تحليلها في ضوء المصدرين الكريمين فانّ دراستها كذلك يُشرِف الباحثَ على تمييز العبادة عن غيرها وبالتالي على صبّ ما استفاده منهما في قالب تعريف جامع ومانع.
أقول : العبادة تتقوم بعنصرين ولا يُغني أحدهما عن الآخر :
الأوّل : الاعتقادُ الخاص في حقّ المعبود ، أعني الاعتقادَ بأنّه إله أو ربّ ، أو بيده مصير العابد آجلاً وعاجلاً في تمام شئون الحياة أو بعضها ، وقد تعرّفتَ على معنى «الإله» و «الرب» في الفصلين السابقين فلا نعود إلى ما ذكرنا سابقاً ، فإذا كان الخضوع والتذلل ، مجرّداً عن هذا النوع من الاعتقاد لا يعدّ العمل عبادة سواء أكان باللسان ، أم بسائر الجوارح ، نعم يمكن أن يكون حراماً موجباً للعقاب لا لأنّه عبادة بل لكونه عملاً محرماً كسائر المحرّمات الّتي ليست بعبادة قطعاً كالكذب والغيبة.
الثاني : العمل الحاكي عن الخضوع ، ويكفي في ذلك أبسط الخضوع إلى أعلاه سواء أكان باللفظ والبيان ، أم بسائر الجوارح ، فإذا كان الخضوع نابعاً عن الاعتقاد الخاص في مورد المخضوع له ، يتصف بالعبادة.
إنّ الاعتقاد بأُلوهية المخضوع له ، أو ربوبيته ، أو كون مصير العباد بيده ،