الثاني : مقام البهتان والافتراء وخدمة الأغراض الفاسدة لترويج التحزبات الأثيمة فيقولون لمن يوفي النبي أو الإمام شيئاً من الاحترام بعنوان أنّه عبد مخلوق لله ، مقرّب عنده لأنّه عبده وأطاعه ، أنّه عَبد ذلك المحترم وأشرك بالله في عبادته. ألا تدري لمن يبهتون بذلك ، يبهتون من يحترم النبي أو الإمام تقرباً إلى الله ، لأنّه اختاره وأكرمه بمقام الرسالة أو الإمامة التي هي بجعل الله وعهده كما وعد الله بذلك إبراهيم في قوله تعالى في سورة البقرة : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة / ١٢٤) وهذا الاحترام المعقول المشروع لا يقل عنه ولا يخرج من نوعه ما هو المعلوم والمشاهد من احترام هؤلاء المتحزبين ، لملوكهم ، وزعمائهم ، وحكّامهم ، وخضوعهم لهم بالقول والعمل.
المقام الثالث : كثيراً ما فُسِّرت العبادة بأنّها ضرب من الشكر ، مع ضرب من الخضوع ، أو الطاعة وهل يخفى عليك أنّ هذه التفاسير مبنيّة على التساهل بخصوصيات الاستعمال ، أو الارتباك في مقام التفسير ، وهل يخفى أنّ أغلب الأفراد من كلّ واحد ممّا ذكروه لا يراه الناس عبادة ويغلطون من يسمّيها أو بعضها عبادة إلّا على سبيل المجاز. وإنّ لفظ العبادة وما يشتق منه كَعَبَدَ ويَعْبُد لا تجدها مستعملة على وجه الحقيقة إلّا فيما ذكرناه من معاملة الإنسان لمن يتخذه إلهاً معاملة الإله ، المستحق لذلك بمقامه في الآلهة. (١)
٣ ـ القضاعي العزامي الشافعي (١٢٨٤ ـ ١٣٥٨ ه)
قد ألف العلّامة المدقق الشيخ سلامة القضاعي العزامي المصري كتاباً أسماه «فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان» ، وطُبع في مقدمة
__________________
(١) البلاغي : آلاء الرحمن في تفسير القرآن ١ : ٥٧ ـ ٥٨.