عبادة الأصنام والأوثان ، فإنّ عُبّاد الأوثان يعبدونها وكانوا يعتقدون بكونهم شفعاء عند الله سبحانه فقط لا أنّ لهم سلطة لا يدرك كنهُها وماهيتُها.
٢ ـ نظرية الشيخ شلتوت ، زعيم الأزهر
وقد عرّف شيخ الأزهر الأسبق العبادة بنفس ما عرّفها به صاحب المنار ، ولكنّه يختلف عنه لفظاً ويتّحد معه معنىً ، فقال : العبادة خضوع لا يحدُّ ، لعظمة لا تحد. (١)
وهذا التعريف يشترك مع سابقه نقداً وإشكالاً ، وذلك أنّ العبادة ليست منحصرة في «خضوع لا يحدّ» بل الخضوع المحدود أيضاً ربّما يعد عبادة ، كما إذا كان الخضوع بأقلّ مراتبه. وكذلك لا يشترط كون الخضوع لعظمة لا تحدّ ، إذ ربما تكون عظمة المعبود محدودة في زعم العابد كما هو الحال في عبادة الأصنام ، ومع ذلك يعبدها وكان الدافع إلى عبادتها كونها شفعاء عند الله.
٣ ـ تعريف ابن تيمية
وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال :
«العبادة اسم جامع لكلّ ما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام ، والحجّ ، وصدق الحديث وأداء الأمانة ، وبرّ الوالدين وصلة الأرحام». (٢)
وهذا الكاتب لم يفرّق ـ في الحقيقة ـ بين العبادة والتقرّب ، وتصوّر أنّ كلّ عمل يوجب القربى إلى الله ، فهو عبادة له تعالى أيضاً ، في حين أنّ الأمر ليس كذلك ، فهناك أُمور توجب رضا الله ، وتستوجب ثوابَه لكنّها قد تكون عبادة
__________________
(١) تفسير القرآن الكريم : ٣٧.
(٢) مجلة البحوث الإسلامية ، العدد ٢ : ١٨٧ ، نقلاً عن كتاب العبودية : ٣٨.