فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) قد سبق الآيات بألفاظها أو بمعانيها في سورة الأعراف وغيرها فلا نعيد بيانها (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى) بعد ان مكث فيهم مدّة مديدة ان اطلب عبادي من فرعون وأخرجهم من مصر و (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) الى البحر (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتّبعكم فرعون وقومه (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ) لمثيرون غيظنا (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) اى انّا لجماعة من عادتنا الحزم والحذر في الأمور ومراعاة العاقبة أو المعنى انّا لجماعة من عادتنا الحذر من الأعداء والتّهيّؤ لهم بالقوّة والسّلاح بما أمكن ، وقرئ حادرون بالدّال المهملة بمعنى الأقوياء أو المسرعون في طلب الأعداء أو حادّون في النّظر (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ) انيقة (وَعُيُونٍ) غزيرة (وَكُنُوزٍ) عظيمة فانّ التّنكير هاهنا للتّفخيم والتّعجيب (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) ومنازل بهيّة (كَذلِكَ) متعلّق باخرجناهم للتّعجيب يعنى أخرجناهم من ضياعهم وعقارهم وجميع أموالهم مثل هذا الإخراج العجيب الّذى خرجوا بالرّغبة منهم راجين العود إليها ولأجل زيادة التّعجيب عطف عليه قوله (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) قبل تمام قصّتهم ويجوز ان يكون كذلك خبر مبتدء محذوف جوابا لسؤال مقدّر أو متعلّق فعل محذوف كذلك كأنّه قيل : هل أمرهم كان كذلك؟! على سبيل التّعجّب أو هل وقع منهم الخروج هكذا؟! فقال : أمرهم كذلك ، أو وقع الخروج كذلك ، أو كأنّه قيل : هل بقوا بعد الخروج أو هلكوا؟ ـ فقال : هلكوا كذلك (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) اى تبعوهم ومشوا على عقبهم حين شروق الشّمس أو ادركوهم يعنى بأبصارهم لا بأبدانهم وقت ارتفاع الشّمس (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) اى قربا بحيث يرى كلّ منهما الآخر (قالَ أَصْحابُ مُوسى) فزعا من فرعون (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) بالأبدان كما ادركونا بالانظار وقالوا : انّا لمدركون تأكيدا في قربهم (قالَ) موسى (ع) ردعا لقومه عن اضطرابهم (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي) بالنّصرة والحفظ فلا تبالوا بقرب فرعون وجنوده (سَيَهْدِينِ) الى طريق الخلاص منهم وينجيني من بأسهم ولمّا وصلوا الى البحر وقفوا متحيّرين (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) وهو نهر النّيل فضرب البحر (فَانْفَلَقَ) فانشقّ البحر اثنى عشر طريقا بين كلّ طريق وطريق ماء كالجبل مشبّك بحيث يرى كلّ فريق صاحبيهم (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ) اى كلّ قطعة من البحر يفرق بها بين طريق وطريق (كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) كالجبل العظيم ، والفرق بالكسر اسم لما انفرق كما انّ الفرق بالفتح مصدر (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) اى قرّبنا في هذا المكان مكان البحر فرعون وقومه وأدخلنا البحر موسى وقومه (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ) بان أخرجناهم من البحر سالمين (أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) بان اطبقنا البحر عليهم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) دالّة لقومك على المبدء وعلمه وقدرته (وَ) لكن (ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) أو المعنى انّ في ذلك لآية كانت لقوم موسى وما كان أكثرهم مؤمنين بموسى (ع) وإلهه فلا تحزن أنت على عدم ايمان قومك بالله أو بك فانّهم