وبنى الجانّ فيكون من قبيل ذكر العامّ بعد الخاصّ أو من بنى الجانّ فيكون من قبيل عطف المباين (أَجْمَعُونَ قالُوا) اى العابدون (وَهُمْ) اى العابدون أو هم والآلهة واتباع الشّياطين (فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا) انّه كنّا (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) اى الرّبّ المضاف الّذى هو علىّ (ع) على ان يكون المراد من أشرك بالولاية (وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) اى الاسلاف الّذين اقتدينا بهم ، أو أمثالنا الّذين اغتررنا بهم ، أو الآلهة الّذين خدعونا ، أو الشّياطين (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) لانّ كلّ نسبة وكلّ خلّة تصير منقطعة الّا النّسبة والخلّة في الله ، ولا يشفع الشّفعاء الّا بإذن الله ، ولا نسبة ولا خلّة ولا جهة الهيّة لهم حتّى يكون شفيع لهم أو صديق أو حميم ، روى عن ابى عبد الله (ع) انّه قال : والله لنشفعنّ لشيعتنا ، والله لنشفعنّ لشيعتنا ، والله لنشفعنّ لشيعتنا حتّى يقول النّاس فما لنا من شافعين ولا صديق حميم (الى قوله) فنكون من المؤمنين (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) لو للتّمنّى أو للشّرط (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما قصصناه من قصّة إبراهيم (ع) واحتجاجاته ، أو في قول المشركين بالله أو بالولاية (لَآيَةً) لمن تأمّل فيها أو لمن انسلخ عن حجاب المادّة واستكشف في الدّنيا حال المشركين في القيامة ولا يكون الّا لمن قامت قيامته متمكّنا في القيامة أو متلوّنا (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) قد مضى قبيل هذا هذه الكلمة (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) قد مضى هذه أيضا (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل بعد حكاية إبراهيم (ع) وقومه : ما فعل قوم نوح المعروف قصّتهم؟ ـ فقال : كذّبت قوم نوح المرسلين ، ونسبة تكذيب جميع المرسلين إليهم قد مضى وجهها في سورة الفرقان (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) الا للعرض أو للتّحضيض (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ) من الله (أَمِينٌ) معروف فيكم بالامانة فاقبلوا قولي ولا تنسبونى الى الكذب والخيانة (فَاتَّقُوا اللهَ) اى إذا عرفتموني بالامانة فاتّقوا الله في مخالفتي (وَأَطِيعُونِ) فيما أقول لكم ولا تكذّبونى ، قد مضى مكرّرا انّ الإنسان فطريّ التّعلّق وانّه ان لم يتعلّق بخليفة الله تعلّق بغيره من مظاهر الشّيطان واهوية النّفس وآمالها وانّ الدّين هو التّعلّق بخليفة الله بالبيعة والاقتداء والطّاعة وانّ من تعلّق بخليفة الله كان ناجيا لا محالة ، وغيره كائنا من كان كان داخلا في المرجين لأمر الله ولذلك كان قول الأنبياء (ع) اوّل تبليغهم امر الامّة بالطّاعة لأنفسهم (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) اى على التّبليغ (مِنْ أَجْرٍ) حتّى تتّهمونى لذلك وتكذّبونى فانّ الأمر لو لم يكن الهيّا كان نفسانيّا والأمر النّفسانىّ لا يخلو عن مقتضيات النّفس ومشتهيات الدّنيا (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) كرّر الأمر بالتّقوى والطّاعة للاهتمام به فانّه لا غاية للرّسالة بل لا غاية للإنسان الّا ذلك ، ولترتّبه اوّلا على معرفة الامانة وهاهنا على عدم طلب اجرة منهم (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) وقرئ اتباعك الأرذلون كأنّهم لم يكذّبوا أمانته واستغناءه وعدم طمعه في أموالهم لكنّهم جعلوا مانع قبول رسالته اتّباع الأرذال الدّالّ على رذالة المتبوع الدّالّة على عدم شأنيّة الرّسالة ولذلك كانوا ينسبون الأنبياء (ع) الى الجنون والخبط ومسيس الشّياطين وأمثال ذلك (قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ولم تسمّونهم أراذل وليس حسن عملهم ولا قبحه بيدي واطّلاعى انّما كان علىّ ان آخذ البيعة منهم لربّى (إِنْ حِسابُهُمْ) في عملهم (إِلَّا عَلى رَبِّي) وليس حسابهم علىّ حتّى أكون مراقبا لهم في عملهم (لَوْ تَشْعُرُونَ) ذلك ما أنكرتم علىّ اتّباعهم ، أو لو للتّمنّى (وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) كأنّهم عرّضوا بقولهم واتّبعك الأرذلون بان يطردهم عن نفسه حتّى يؤمنوا (إِنْ أَنَا إِلَّا