النّصر لهما وعدم وصول الضّرر منهم إليهما (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) بضرر (بِآياتِنا) الباء سببيّة والظّرف متعلّق بلا يصلون أو بالغالبون (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) فاطمأنّ موسى (ع) بوعده تعالى وذهب الى فرعون (فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ) الباء للتّعدية أو للمصاحبة والمراد بالآيات العصا واليد البيضاء وجمعهما لانّ في كلّ كان دلالات على صدقه في رسالته وتوحيد الله ، أو المراد هاتان مع الحجج الدّالّة على صدقه (قالُوا) جهلا وعنادا (ما هذا إِلَّا سِحْرٌ) قد مضى بيان السّحر وتحقيقه في سورة البقرة عند قوله (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)(مُفْتَرىً) على الله (وَما سَمِعْنا بِهذا) الّذى ادّعاه من توحيد الإله (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ وَقالَ) وقرئ بغير واو (مُوسى) بعد ما أنكروه وأنكروا رسالته ولم يقبلوا معجزاته وحججه مستشهدا بالله وعلمه (رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) يعنى العاقبة المحمودة كانّ العاقبة الغير المحمودة ليست بعاقبة عرّض بنفسه كأنّه قال ربّى اعلم بانّى جئت بالهدى وانّ لي العاقبة المحمودة فلا أبالي بردّكم وانكاركم (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) حقّ العبارة ان يقول وبمن لا يجيء بالهدى ولا يكون له عاقبة الدّار لكنّه عدل اليه تعريضا بهم واثباتا لظلمهم ونفيا للهدى وحسن العاقبة عنهم بالبرهان كأنّه قال : انّه لا يفلح الظّالمون بالهدى وحسن العاقبة وأنتم ظالمون بإنكار الله الّذى هو خالق الخلق وعبادة غيره وانكار رسالتي (وَقالَ فِرْعَوْنُ) بعد ما عجز عن الحجّة وخاف عن المعارضة لأجل الحيّة مقبلا على قومه تخليطا عليهم وتسكينا لنفسه عن الخوف (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) هذا الكلام منه يدلّ على عجزه عن الحجّة وغاية خوفه من موسى (ع) وعصاه حيث لم يدّع الآلهة لنفسه صريحا ونفى علمه بالإله الّذى ادّعى موسى وأظهر شكّه الّذى هو الإقرار بالعجز عن الحجّة وهي كلمته الاولى الّتى اخذه الله تعالى عليه وكلمته الآخرة قوله : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وكان بين الاولى والآخرة أربعون سنة كما نسب الى الخبر ولمّا ظهر عجزه عن الحجّة وخوفه من موسى (ع) أراد التّمويه على قومه بانّ الإله الّذى ادّعاه موسى (ع) ان كان حقّا كان مثلي في جهة ومكان وكان يمكن لي الوصول اليه فقال (فَأَوْقِدْ لِي) اى للبناء لي (يا هامانُ عَلَى الطِّينِ) لتحجير الطّين ، قيل : انّه كان اوّل من عمل الآجرّ (فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً) قصرا عاليا الى عنان السّماء (لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى) ولو لم يكن مقصوده التّمويه ما تكلّم بمثل هذا الكلام فانّه كان حكيما عالما بانّه لا يمكن بناء قصر يمكن الوصول منه الى السّماء (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) في الحديث فبنى هامان له في الهواء صرحا حتّى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكّن الإنسان ان يقوم عليه من الرّياح القائمة في الهواء فقال لفرعون : لا نقدر ان نزيد على هذا فبعث الله عزوجل رياحا فرمت به فاتّخذ فرعون وهامان عند ذلك التّابوت على التّفصيل الّذى ذكر في الاخبار (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) مطلقا أو بعد رجوعه من الهواء زائدا على استكباره سابقا ، والاستكبار بغير الحقّ ما لم يكن بكبرياء الله أو بأمر الله مثل التّكبّر مع المتكبّر (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) بالبعث (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ) كما مرّ تفصيله وفيه تحقير لهم وتفخيم لشأن الآخذ لانّ الله تعالى جعلهم مع كثرتهم مثل شيء يؤخذ بالكفّ وينبذ وجعل أخذ الآخذ في السّعة والعظمة بالنّسبة الى كثرة جنوده مثل أخذ ما يؤخذ بكفّ (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) تعريض بالامّة وظالميهم (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) قدوة لجمع كثير والمعنى جعلنا جميعهم ائمّة متبوعين لاهالى ممالكهم أو جعلنا متبوعيهم ائمّة (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) عن الصّادق (ع) انّ الائمّة في كتاب الله إمامان قال الله تبارك وتعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر