نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ) اى أيمن موسى (ع) أو أيمن النّفس أو هو وصف من اليمن بمعنى البركة (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) كثيرة الخير لانّها كانت من الشّام وبركة أراضي الشّام ظاهرة ، وكذا بركات طور النّفس عن الصّادق (ع) شاطئ الوادي الأيمن الّذى ذكره الله تعالى في القرآن هو الفرات ، والبقعة المباركة هي كربلاء (مِنَ الشَّجَرَةِ) قيل : كانت نابتة على الشّاطئ (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ذكر في الحديث : انّه اقبل نحو النّار يقتبس منها فاذا شجرة ونار تلتهب عليها ، فلمّا ذهب نحو النّار يقتبس منها أهوت اليه ففزع وعد أو رجعت النّار الى الشّجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت الى الشّجرة ، فرجع الثّانية ليقتبس فأهوت نحوه فعدا وتركها ، ثمّ التفت وقد رجعت الى الشّجرة فرجع إليها الثّالثة فأهوت إليها فعدا ولم يعقّب اى لم يرجع فناداه الله عزوجل ان يا موسى (ع) انّى انا الله ربّ العالمين قال موسى : فما الدّليل على ذلك؟ ـ قال الله عزوجل : ما في يمينك يا موسى؟ ـ قال : هي عصاي ، قال : ألقها يا موسى فألقيها فاذا هي حيّة تسعى ، ففزع منها موسى وعدا ، فناداه الله عزوجل : خذها ولا تخف انّك من الآمنين ، وقد مضى وجه تكرار هذه القصّة أكثر من سائر القصص ، ووجه اختلاف الألفاظ المكرّرات لكون الحكايات ترجمات للمحكىّ ، والتّرجمة تؤدّى بألفاظ مختلفة أو لكثرة السّؤال والجواب والأقوال في المحكىّ وقد نقل في كلّما ذكر القصّة بعض من المحكىّ (وَأَنْ أَلْقِ) عطف على ان يا موسى (عَصاكَ) فألقيها فصارت حيّة حيّة متحرّكة (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌ) هي الحيّة الّتى تكون كحلاء العينين لا توذي (وَلَّى مُدْبِراً) ولم يكن خوفه (ع) من النّار وعدوه منها ولا خوفه من الحيّة نقصا ، بل الخوف منه في مثل تلك الحال الّتى انسلخ فيها من كلّ الكثرات ورجع الى مقام الوحدة يدلّ على كماله وقوّة نفسه في مقام بشريّته لعدم زوال كثراته وعدم فنائه عن أهل مملكته في مثل تلك الحال الّتى يفنى كلّ من حصلت له عن جميع كثراته وعن جميع أهل مملكته ولا يحفظ حقّ شيء من كثراته ، وحقّ البشريّة الخوف والفرار من النّار المحرقة ومن الحيّة الموذية وحفظ حقوق الكثرات في مثل تلك الحال من أتمّ الدّلائل على الكمال ، وهكذا الحال في طلب الدّليل بعد سماع انّى انا الله من الشّجرة (وَلَمْ يُعَقِّبْ) لم يلتفت الى عقبه أو لم يرجع على عقبه بخلاف حال فراره من النّار (يا مُوسى) قيل أو نودي يا موسى (أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) من المخاوف (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يعنى من غير علّة البرص فادخلها في حبيبه وأخرجها منه فأضاءت له الدّنيا (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) من أجل الرّهب حتّى يسكن خوفك فانّ وضع اليد والعضد على القلب يعين على سكونه عن اضطرابه (فَذانِكَ) قرئ بتخفيف النّون وتشديدها (بُرْهانانِ) اى احياء العصا وابيضاض اليد ناشئان (مِنْ رَبِّكَ) منتهيان (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) لمّا استفاد موسى (ع) انّ انتهاء البرهانين الى فرعون وملائه ليس الّا على يده (قالَ) في الجواب استعفاء أو طلبا للمظاهرة بهارون على ما مضى عند قوله فأرسل الى هارون من سورة الشّعراء انّ الظّاهر انّ موسى (ع) استعفى اوّلا وبعد ردعه من استعفائه طلب المظاهرة بأخيه (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) الرّدء العون والمادّة والعدل الثّقيل ، وقرئ ردا بتخفيف الهمزة (يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) ولا ينطلق لساني في ردّهم وردعهم وان أتيت بحجّة في جوابهم بلسان غير طلق لا يقبلوا منّى لقتلى منهم نفسا وغيظهم علىّ (قالَ) اجابة لمسؤله (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) اجابة من مسئوله وتفضّل عليه بالزّيادة على مسئوله اعنى وعد