أو ارض القرآن والاخبار ، أو ارض سير الأمم الماضية ، أو ارض وجودكم حتّى تشاهدوا حال المكذّبين والمصدّقين ، أو تعلموا حالهم من مشاهدة آثارهم ، أو تشاهدوا إبداء الخلق وإعادته (فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) يعنى حتّى تعلموا انّ الله ينشئ النّشأة الآخرة فان شهود الإبداء يؤدّى الى العلم بالنّشأة الآخرة كما قال : لقد علمتم النّشأة الاولى فلو لا تذكّرون (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فما لهم ينكرون الاعادة مع انّها مشهودة لهم (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) حاليّة أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) الله عن ادراككم وعذابكم (فِي الْأَرْضِ) حالكونهم في الأرض أو هو ظرف لمعجزين (وَلا فِي السَّماءِ) لو كنتم في السّماء أو هو كناية عن الآخرة (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) لا في الدّنيا ولا في الآخرة فما لكم تعبدون غيره وتتوسّلون بغيره وقد مضى مكرّرا بيان الولىّ والنّصير وانّ النّبىّ بنبوّته وخليفته بخلافة النّبوّة نصير ، والولىّ بولايته وخليفته بخلافة الولاية ولىّ يتولّى إصلاح العبد وتربيته (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ) من حيث انّها آيات من الآيات التّكوينيّة في الآفاق والأنفس وأعظمها الآيات العظمى من الأنبياء والأولياء (ع) والآيات التّدوينيّة من الكتب السّماويّة واحكام النّبوّة والرّسالة ، وهذا ابتداء كلام من الله ان لم يكن سابقه من الله (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) هذا مقابل لقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (الآية) لكن مقابلته له في اللّفظ وعطفه عليه بعيد بحسب اللّفظ ، وقوله : (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) دعاء عليهم أو اخبار بانّه ينبغي ان يئسوا ، أو اخبار بانّهم يائسون بالفعل من رحمته (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) قوم إبراهيم (ع) (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) كما سبق قصّته فأجمعوا ان يحرّقوه فجمعوا الحطب أكثر ما يكون ثمّ أوقدوا النّار ثمّ اسقطوه فيها (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) على ما سبق تفصيله (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإنجاء (لَآياتٍ) دالّات على مبدء عليم حكيم قادر محيط (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بإحدى البيعتين أو لقوم يذعنون بالله وملائكته وكتبه ورسله (ع) واليوم الآخر (وَقالَ) إبراهيم (ع) أو قال الله (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قرئ مودة بينكم بالنّصب والاضافة وبالرّفع والاضافة وبالنّصب منوّنة وبنصب بينكم يعنى انّ اتّخاذ الأوثان الهة ليس عن اعتقاد دينىّ وطلب شفيع اخروىّ وخوف عقاب الهىّ بل محض المودّة الدّنيويّة وان يحبّكم اقرانكم ورؤساكم مثل أكثر المتزهّدين في دين الإسلام يتجشّمون مرارة الزّهد وتعب منع النّفس عن لذائذها محض المراياة والصّيت وان يقولوا في حقّه (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ) بعض العابدين (بِبَعْضٍ) آخر منهم ، أو بعض العابدين والمعبودين ببعض آخر منهم ، أو يكفر العابدون بالمعبودين (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أو يكفّر كلّ بعض من العابدين والمعبودين بكلّ بعض ويلعن كلّ بعض كلّ بعض فانّ العابدين لمّا كان عبادتهم للأصنام مودّة بينهم في الحيوة الدّنيا ولم يكن في عبادتهم جهة الهيّة بل كان عبادتهم لها ساترة للجهة الالهيّة ويظهر يوم القيامة انّ توادّهم وعبادتهم كانت مانعة لهم عن موائدهم الاخرويّة ومؤدّية لهم الى العذاب الأليم كانت تورث بغض كلّ للآخر ولعن كلّ للآخر والمعبودون ينكرون عبادتهم لهم وينسبونهم الى الاهوية والجنّة ويلعنونهم لانّهم يلعنهم اللّاعنون (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) الاقتصار هاهنا على النّاصر لانّ في النّار ليس الّا النّصرة ان كانوا ينصرون وامّا الولاية فانّها بعد الخروج من النّار (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ) من وطني مع إبراهيم (ع) الى الشّام ومن موطن نفسي بايمانى على يد إبراهيم (ع) (إِلى