سورة لقمان
مكّيّة وقيل : سوى ثلاث آيات وهي قوله : ولو انّ ما في الأرض (الى آخرهنّ)
وهي ثلاث وثلاثون آية أو اربع وثلاثون
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قد مضى في اوّل البقرة وفي غيرها ما فيه غنية عن تفسير تلك الآيات (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) الاشتراء يستعمل في المعاوضة المطلقة سواء كان العوضان من الأعيان أم غيرها ، وسواء كان قرينا بصيغة خاصّة أم لا ، فيصدق على بذل الأموال على الوعّاظ والقصّاص والنقّال للاسمار ، وعلى بذل القوى والاستعدادات والاعمار في الاستماع الى ما فيه حظّ النّفس والخيال دون العقل ، سواء كان المسموع من القرآن والاخبار أو من الأباطيل والأسمار ، ولهو الحديث عبارة عمّا يشغلك عن الله والآخرة من الأقوال اللّسانيّة والأفعال الاركانيّة والأحاديث النّفسيّة سواء كان ذلك الشّاغل قرآنا وخبرا من المعصوم وعبادة شرعيّة أو كان لغوا في ذاته ومعصية فانّ في كلّ قول وفعل جهة عقلانيّة وجهة شيطانيّة ، فان كان الاستماع أو الاشتغال به من جهته العقلانيّة كان ذلك حديثا صحيحا عقلانيّا ، وان كان صورته صورة الأباطيل والعصيان ، وان كان الاستماع أو الاشتغال به من جهته الشّيطانيّة كان ذلك لهو الحديث ، وان كان صورته صورة القرآن والاخبار المعصوميّة ، ومقصوده تعالى هاهنا انّ القرآن وآياته هدى ورحمة للمحسنين وضلال ونقمة للمسيئين لكنّه عدل عن ذلك تنزيها للقرآن عن نسبة الإضلال والنّقمة اليه وتصريحا بانّ الضّلال والنّقمة ليس الّا من قبل أنفسهم فانّهم بسوء استعدادهم وصنيعهم يضلّون بالقرآن الّذى هو هداية من الله ويصير القرآن في أسماعهم كالاسمار لهو الحديث (لِيُضِلَ) قرئ بفتح الياء وضمّها ، واللّام مثل اللّام في ليكون لهم عدوّا وحزنا ، أو هي اللّام الدّاخلة على العلّة الغائيّة فانّ من النّاس من يشتغل بالملاهي وليس مقصوده الضّلال أو الإضلال أو كان مقصوده الاهتداء لكن يضلّ ويضلّ من حيث لا يشعر ، ومنهم من يشتغل لقصد الإضلال كمن يحصّل العلم لا فساد الشّريعة (عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) بالاشتراء أو بغير علم بانّ الاشتراء المذكور ضلال وإضلال ، أو بغير علم بضلاله وإضلاله ، أو متّصفا بغير علم ، وحينئذ يكون تنكير العلم للجنس أو لفرد مّا لكن يكون مستغرقا لوقوعه بعد غير الّذى هو في معنى النّفى ، أو يكون التّنوين للتّفخيم اى بغير علم عظيم هو العلم بالولاية (وَيَتَّخِذَها) اى يتّخذ سبيل الله وليس سبيل الله الّا سبيل الولاية (هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي