سورة السّجدة
وسمّيت سجدة لقمان لئلّا يلتبس بحم السّجدة وهي ثلاثون آية مكّيّة سوى ثلاث آيات
قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) (الى تمام الثّلاث).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) قد مضى في اوّل البقرة وفي غيرها ما به الغنية عن بيان الآية هاهنا (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ) اى الكتاب أو تنزيل الكتاب (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) لكونهم في زمان الفترة وخمود آثار الرّسالة وخمود أوصياء الرّسل (ع) فيه (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) الى الولاية الّتى هي طريق الآخرة (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قد مضى الآية في سورة الأعراف (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) الشّفيع بمنزلة النّصير وقد تكرّر بيانه في ما مضى (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) اى ينزّل الأمر مع ملاحظة حسن دبره وعاقبته من سماء الأرواح الى أراضي الأشباح على استمرار (ثُمَّ يَعْرُجُ) الأمر من الأرض (إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).
اعلم ، انّ ايّام الآخرة ليست في عرض ايّام الزّمان بل هي في طولها بمعنى انّ ايّام الدّنيا قوالب لايّام الآخرة وهي بمنزلة الأرواح لايّام الدّنيا ، وكلّ مرتبة من مراتب الآخرة سعتها واحاطتها بالنّسبة الى مراتب الدّنيا مضاعفة ، فكلّ يوم من ايّام الآخرة بالنّسبة الى يوم من ايّام الدّنيا يضاعف سعته بعشر ومائة والف وعشرة آلاف الى خمسين ألفا هذا بالنّسبة الى ايّام الدّهر ، وامّا ايّام السّرمد فلا تحدّ بشيء لعدم نهايتها وتحدّدها ، وقد مضى شطر من تحقيق هذا المطلب في اوّل بنى إسرائيل ، والمراد بالأمر الّذى يدبّره من السّماء الى الأرض ثمّ يعرج من الأرض الى السّماء هو الوجود الفعلىّ الّذى هو المشيّة الّتى هي امره تعالى وفعله وكلمته وإضافته الى غير ذلك من الأسماء فانّه يتنزّل من سماء المشيّة الى سماء الأرواح ثمّ الى سماء النّفوس الكلّيّة ، ثمّ الى سماء النّفوس الجزئيّة ، ثمّ الى أراضي الأشباح النّوريّة ، ثمّ الى أراضي الأشباح الظّلمانيّة ، ثمّ يبتدئ في العروج من عالم الطّبع ، أو من عالم الجنّة الى أراضي الأشباح النّوريّة ، ثمّ الى أراضي الأشباح الظّلمانيّة ، ثمّ يبتدئ في العروج من عالم الطّبع ، أو من عالم الجنّة الى أراضي الأشباح النّوريّة ، ثمّ الى النّفوس الجزئيّة ، ثمّ الى النّفوس الكلّيّة ، ثمّ الى الأرواح ، ثمّ الى المشيّة (ذلِكَ) العظيم البعيد عن الانظار والأوهام والعقول (عالِمُ الْغَيْبِ) اى عالم عالم الغيب (وَالشَّهادَةِ) اى عالم الشّهادة (الْعَزِيزُ) اى الغالب الّذي لا يمنعه عن مراده مانع (الرَّحِيمُ) الّذى لا يدع عباده بلا دعوة ولا داع وان اصرّوا على مخالفته وعصيانه (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ) برحمته وعلمه وعنايته بحسب صورة ذلك الشّيء وسيرته وجعله مستعدّا لطلب كمالاته فلا يدعهم بلا داع حتّى لا يقبح نشأتهم الاخرويّة (خَلَقَهُ) بدل من كلّ شيء على قراءة سكون اللّام وصفة لشيء ، أو بدل من