عَوْرَةٌ) العورة الخلل في الثّغر وغيره والمعنى انّ بيوتنا ذوات عورة (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) من الزّحف (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) يعنى لو دخل الأعداء بيوتهم أو المدينة غالبا عليهم (مِنْ أَقْطارِها) من جوانب البيوت أو المدينة (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) اى الكفر أو المقاتلة مع المسلمين (لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها) مع الفتنة أو في المدينة أو البيوت أو ما تلبّثوا في إعطاء الفتنة أو بسبب إعطاء الفتنة لعدم وثوقهم بدينهم (إِلَّا يَسِيراً) اى الّا تلبّثا يسيرا أو زمانا يسيرا (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ) على يد محمّد (ص) (مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) عن الوفاء به والنّقض له (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) فانّه لا بدّ من الموت أو القتل لكلّ أحد ولا ينجو أحد من أحدهما (وَإِذاً) يعنى إذا فررتم (لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) المثبّطين عن الغزو وعن الموافقة مع الرّسول (ص) ولفظة قد للتّحقيق (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم أو اتيانا أو زمانا أو بأسا قليلا والمراد بالبأس الحرب (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) الشّح بالتّثليث البخل والحرص ، وجاء من باب علم ونصر وضرب والمعنى بخلاء على خيركم أو بخلاء ثابتين على ضرركم أو حريصون على ضرركم (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) في رؤسهم من شدّة الخوف (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ) نزول (الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) سلقه بالكلام آذاه ، شبّه الالسنة بالاسنّة واثبت لها الحدّة استعارة بالكناية وتشريحا للاستعارة يعنى انّهم جمعوا بين البخل والجبن وشدّة الأذى حين الأمن (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) حال من الالسنة أو من فاعل سلقوكم أو منصوب على الذّمّ (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) إخلاصا (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) الّتى عملوها في ظاهر الإسلام (وَكانَ ذلِكَ) الحبط (عَلَى اللهِ يَسِيراً يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) بعد ما أرسل الله عليهم الرّيح والملائكة وبعد هزيمتهم لشدّة خوفهم ودهشتهم (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ) كلّ قادم عليهم من المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) في الكرّة الثّانيّة أو لو بقوا فيكم ولم يرجعوا الى المدينة في الحال الحاضر (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) وقد ذكر قصّة الأحزاب وجماعاتهم من الاعراب ومجيئهم الى المدينة وقتل عمرو بن عبد ودّ وهزيمتهم وجبن المنافقين من أصحاب رسول الله (ص) وتجبينهم لغيرهم في المفصّلات ، من أراد فليرجع إليها (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) اى خصلة حسنة ينبغي ان يتأسّى بها أو هو من باب التّجريد مثل رأيت بزيد أسدا (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ) بدل من قوله تعالى لكم بدل البعض من الكلّ ، أو اللّام للتّبيين بتقدير مبتدء محذوف (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) يعنى تلك الاسوة لا تكون الّا لمن جمع بين رجاء الله وذكره كثيرا وهذه الجملة معترضة بين حكاية حال المسلمين والأحزاب جاء الله بها تلطّفا بالمسلمين وتعريضا بالمنافقين وتذكيرا للخالصين (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ) الخالصون (الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) بخلاف غير الخالصين فانّهم قالوا ما وعدنا الله ورسوله الّا غرورا (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ)