بالفلك سفينة نوح كما قيل ، أو المراد بالذّريّة الأولاد والنّساء ، والمراد بالفلك السّفن الجارية ، والامتنان بحمل الذّرّيّة والنّساء لانّهم ضعفاء لا يقدرون على السّير في البحر بنحو آخر ولا على السّير في البرّ بالمشي ، والقرينة على ذلك قوله (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) من الدّوابّ لتيسير المشي في البرّ لهؤلاء الضّعفاء (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) والتّأدية بالشّرط المستقبل دليل المعنى الأخير (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) بمنع الغرق ودفعه عنهم (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) بعد الغرق (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) الاستثناء منقطع بمعنى لكن لم نغرقهم رحمة منّا أو لكن نرحمهم رحمة منّا ، أو الاستثناء متّصل من قوله لا صريخ لهم ولا هم ينقذون ، أو متّصل من نغرقهم بمعنى الّا حال كوننا نرحمهم رحمة منّا (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من حوادث الدّنيا وعذابها ، أو من عقبات الآخرة وعقوباتها (وَما خَلْفَكُمْ) يعلم بالمقايسة ، وعن الصّادق (ع) معناه اتّقوا ما بين أيديكم من الذّنوب وما خلفكم من العقوبة (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) اعرضوا ولم يقبلوا حذف الجواب بقرينة قوله (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) لانّهم تمرّنوا على الاعراض (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) على المحتاجين (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله أو بمحمّد (ص) أو بعلىّ (ع) وولايته (لِلَّذِينَ آمَنُوا) مخاطبين لهم (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) تخصيص المؤمنين بالخطاب امّا للتّهكّم بهم كأنّهم تعرّضوا بانّكم مقرّون بالله وانّه رازق كلّ مرزوق فلو كان الأمر كما تذكرون كنتم أنتم اولى بإطعامه ، أو مقصودهم إبداء العذر في عدم الإنفاق بانّ الله اولى منّا بالإعطاء فلمّا لم يشأ الله إطعامهم كنّا اولى بعدم الإطعام (إِنْ أَنْتُمْ) في هذا القول أو في الإقرار بالله أو بمحمّد (ص) أو بعلىّ (ع) (إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) اى وعد العذاب الّذى تعدوننا أنتم وصاحبكم أو وعد القيامة واحياؤنا للجزاء وعذابنا عندها (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في انّ لنا مبدء وانّه يبعثنا بعد موتنا ، وانّ محمّدا (ص) رسول منه وانّ ما يقوله صدق (ما يَنْظُرُونَ) اى ما ينتظرون (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي النّفخة الاولى يعنى انّ انتظارهم ليس الّا النّفخة الاولى الّتى هي نفخة الاماتة وبعد النّفخة الاولى يكون الموعود (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) يختصمون ، قرئ يخصّمون بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصّاد ، وبكسر الياء كذلك ، وبفتح الخاء والياء وتشديد الصّاد وبإسكان الخاء وتشديد الصّاد ، وقيل : انّه غلط والكلّ مغيّر اختصم ، وقرئ من الثّلاثىّ المجرّد يعنى تأخذهم حالكونهم مخاصمين في معاملاتهم ، في حديث : تقوم السّاعة والرّجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتّى تقوم ، والرّجل يرفع أكلته الى فيه فما تصل الى فيه حتّى تقوم ، والرّجل يليط حوضه ليسقى ماشيته فما يسقيها حتّى تقوم ، وقيل : هم يختصمون هل ينزل بهم العذاب أم لا؟ (فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) عن القمىّ ذلك في آخر الزّمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون فيموتون كلّهم في مكانهم لا يرجع أحد الى منزله ولا يوصى بوصيّة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) اعنى النّفخة الثّانيّة وقد سبق في سورة المؤمنون بيان وتفصيل للصّور والنّفخ ، ولمكث الخلائق بين النّفختين ، وكيفيّة النّفخ واحيائهم (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ) اى من القبور التّرابيّة أو من القبور البرزخيّة ، عن الباقر (ع) : انّ القوم كانوا في القبور فلمّا قاموا حسبوا انّهم كانوا نياما (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) يسرعون (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) نسب الى علىّ (ع) انّه قرأ من بعثنا بمن الجارّة والمصدر (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) قالوها تحسّرا وفي حديث الباقر (ع) : السّابق : قالت الملائكة : هذا