بسطه على خشب منبسط فأوتدها كذلك وتركه حتّى يموت ، وقيل : معناه ذو الملك الثّابت بالأوتاد ، وقيل : معناه ذو الأركان القويّة فانّه كان صاحب جنود كثيرة وأمراء عظيمة ووزراء قويّة (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) اى قوم شعيب (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) المهزومون فانظروا حالهم ومآل تكذيبهم وإنكارهم (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) اى رسلهم أو جميع الرّسل لانّ تكذيب واحد تكذيب للجميع (فَحَقَّ عِقابِ وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ) تصريح بما عرّض به من عقوبة المنكرين من قريش والمراد بهؤلاء المنكرون من قريش (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي الصّيحة عند الموت أو عند القيامة يعنى المراد به النّفخة الاولى أو الثّانيّة (ما لَها مِنْ فَواقٍ) توقّف أو رجوع أو راحة أو افاقة من الغشي ورجوع الى الدّنيا أو فتور (وَقالُوا) اى يقولون بعد الصّيحة وادّاه بالماضي لتحقّق وقوعه ، أو لانّه قد وقع بالنّسبة الى محمّد (ص) ، أو المعنى انّهم بلسان حالهم سألوا نزول العذاب الموعود بهم ، أو بلسان قالهم كما قالوا : ان كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو كما قالوا متى يكون هذا الوعد (رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) قسطنا من العذاب الموعود (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) استعجلوا ذلك استهزاء أو استعجلوا لشدّة عذابهم قبل القيامة في البرازخ بظنّ انّ عذابهم قبل يوم الحساب ينجيهم من عذابهم في البرزخ أو من عذاب يوم الحساب (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) ولا تحزن بقولهم فانّهم لا يفوتوننا ولا ينالونك بمكروه من غير اذننا وراجع ربّك على كلّ حال (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) جمع اليد بمعنى القوّة والنّعمة كما في الخبر (إِنَّهُ أَوَّابٌ) مع كونه كثير القوّة والنّعمة فراجع أنت ربّك (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ) بيان لقوّته ونعمته (مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) يعنى وقت اشراق الشّمس أو هو كناية عن الغداة (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) اليه من كلّ جانب أو حالكون الطّير محشورة من أوكارها (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) قد سبق الآية بتركيبها وتفسيرها في سورة الأنبياء وفي سورة السّباء (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) يعنى قوّيناه بحيث لا يمكن لأحد الإخلال في ملكه (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) المراد بالحكمة آثار الولاية فانّ الحكمة ليست الّا دقّة العلم وإتقان العمل والدّقّة فيه وهي من آثار الولاية فانّ الإنسان ما لم يقبل الولاية بشروطها المقرّرة عندهم لم يفتح بصيرته وما لم يفتح بصيرته لم يصر نظره دقيقا ، وما لم يصر نظره دقيقا لا يمكنه الإتقان في العمل وقد مضى مكرّرا بيان الحكمة مفصّلا والمراد بفصل الخطاب آثار الرّسالة فانّه باىّ معنى كان كان من جهة الاشتغال بالكثرات والاشتغال بالكثرات من جهة العباد ليس الّا لأجل الرّسالة إليهم أو لأجل قبول الرّسالة من الرّسول (ع) وقد فسّر فصل الخطاب في خبر مروىّ عن علىّ (ع) بقوله : البيّنة على المدّعى واليمين على المدّعى عليه ، وفي خبر مروىّ عن الرّضا (ع) انّه معرفة اللّغات ، وفسّر فصل الخطاب بتمييز الحقّ عن الباطل ، وبالكلام المفصول المبيّن الّذى لا يشتبه على سامعه ، وبالخطاب القصد الّذى ليس فيه إيجاز مخلّ ولا أطناب مملّ ، وبمطلق العلم بالقضاء (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) تنبيه له (ص) ولامّته على انّ الامتحانات الالهيّة كثيرة تكون بصورة إتيان المتخاصمين وبصورة الاذلال والإعزاز وبصورة عناد المعاندين ومحبّة المحبّين فلا تغفلوا عن امتحانه ولا تغترّوا بانعامه وإعزازه ، وأتى بالاستفهام للتّعجيب من حاله (ع) ومبادرته بنسبة الظّلم الى الخصم من غير تثبّت واستظهار ليكون آكد في ذلك التّنبيه (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) التّسوّر الدّخول من قبل السّور ، والمحراب مجلس الاشراف الّذى يحارب دونه وهو مقامهم الخاصّ لعبادتهم أو نزاهتهم وخلوتهم (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ) لانّهم دخلوا في غير وقت دخول الأغيار ودخلوا من دون اذن ومن غير المحلّ المعتاد للدّخول (قالُوا)