وفيه أنموذج جميع الموجودات بنصّ (عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) قد تصير تلك الرّحمة في وجوده مخالفة الانسانيّة وصورة نوعه لانّ قوى جميع الموجودات مودعة في الإنسان بحيث إذا خرجت قوّة منها الى الفعل كانت مسخّرة لانسانيّة الإنسان فاذا صارت فعليّة من تلك الفعليّات مقابلة للانسانيّة أو مسخّرة لها كانت مخالفة لها ومخالفة لخلقتها ، وإذا صارت مسخّرة للانسانيّة كانت موافقة لها وموافقة لخلقتها ، وتلك المخالفة والموافقة كلتا هما ظهور الرّحمة الرّحمانيّة وصورتاها ، فالغضب والرّضا المعبّر عنه بالرّحمة الرّحيميّة من طوارى فعله لا من صفات ذاته وطروّهما لفعله من جهة القابل لا من جهة الفاعل من دون مدخليّة القابل (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ) عطف على كلوا بجعله في جملة مقول القول المقدّر أو على قد أنجيناكم أو حال من واحدة من الجمل السّابقة واجزائه يعنى قلنا قد أنجيناكم وقلنا انّى لغفّار (لِمَنْ تابَ) على أيدي خلفائنا بالانزجار عن النّفس ومشتهياتها (وَآمَنَ) بالبيعة العامّة النّبويّة الّتى هي الإسلام (وَعَمِلَ صالِحاً) موافقا لأمر من باع على يده البيعة العامّة (ثُمَّ اهْتَدى) الى ولاية ولىّ امره بالبيعة الخاصّة الولويّة والمعنى انّى لغفّار لمن تاب التّوبة الخاصّة الولويّة على يد ولىّ امره بالانزجار عن الوقوف على ظاهر الأحكام القالبيّة وطلب بواطنها وأنموذج معانيها وآمن بالبيعة الخاصّة الولويّة وعمل صالحا موافق لشروط بيعته ثمّ اهتدى الى ظهور الامام عجّل الله فرجه وبروز ملكوته على صدره ودخوله في بيت قلبه ، فانّه ما لم يظهر القائم عجّل الله فرجه لم يظهر المغفرة التّامّة ، وورد في اخبار كثيرة بألفاظ مختلفة ومتوافقة انّ المراد الاهتداء الى الولاية ، وانّه لا ينفع عمل بدون الولاية ، وانّ العبد لو اجهد نفسه في عبادة ربّه بين الرّكن والمقام حتّى يصير كالشّنّ البالي ما قبل الله منه أو لأكبّه الله على منخريه في النّار ، وفي اخبار كثيرة انّ الإسلام بنى على خمس وأسناها وأشرفها الولاية ، وانّ الله فرض على خلقه خمسا فرخّص في اربع مشيرا الى الصّلوة والزّكاة والحجّ والصّوم ولم يرخّص في واحد مشيرا الى الولاية ، وفي خبر عدّ انتظار القائم عجّل الله فرجه من أركان الدّين ، والاخبار الدّالّة على انّ الإسلام غير الايمان وانّ الإسلام لا يتجاوز اثره عن الدّنيا وانّ منفعته حفظ الدّم والعرض وجواز التّناكح والتّوارث وانّ الأجر على الايمان تدلّ على انّ ملاك الأمر لأمر الآخرة هو الولاية لا غير ، وقوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ، يدلّ على انّ الايمان الّذى هو الولاية الّتى هي البيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة بها يدخل كيفيّة ممّن يبايع معه في قلب البائع بها يصير البائع ابنا لمن بايع معه ، وبها يستحقّ الكرامة عند الله ، وبها لا يضرّه سيّئة ولو أتى بذنوب الثّقلين ، وبها يستحيي الله ان يعذّبه ولو كان فاجرا ، وبدونها لا يستحيي ان يعذّبه ولو كان في اعماله بارّا ، وبها يرث منازل أهل النّار ويؤخذ طينته السّجّينيّة مع اعماله السّيّئة الّتى هي من لوازم الطّينة السّجّينيّة وتعطى لعدوّه ويؤخذ طينة عدوّه العلّيّينيّة مع اعماله الحسنة اللّازمة لطينته العلّيّينيّة وتعطى له ، وبها يصدق عليه العلوىّ والفاطمىّ والهاشمىّ والعالم والمتعلّم والعارف والمؤمن والعابد والمتّقى ، وبها يسمّى وليّا لله ، وفي خبر ضلّ أصحاب الثّلاثة وتاهوا تيها عظيما مشيرا الى التّوبة العامّة والبيعة العامّة الاسلاميّة والأعمال الصّالحة القالبيّة ، والاخبار الدّالّة على انّ : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليّة ، تدلّ على انّ البيعة العامّة بدون الاهتداء الى الولاية لا تنفعه في الآخرة ، وفي خبر : من أصبح من هذه الامّة لا امام له من الله ظاهر عادل أصبح ضالّا تائها ، وان مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق ، وهو أيضا يدلّ على انّ الإسلام وأحكامها لا يكفى في النّجاة بدون الاهتداء الى الامام الظّاهر العادل والبيعة معه البيعة الخاصّة ، والاخبار الدّالّة على انّ الحجّة لا تقوم على النّاس الّا بإمام حىّ يعرف ، تدلّ على لزوم الاهتداء الى الامام ، والآيات الدّالّة على لزوم الكون مع الصّادقين ولزوم ابتغاء الوسيلة الى الله ولزوم الاقتداء وكون الرّسالة ليست الّا الإنذار والهداية للولاية والاخبار الدّالّة على انّ المعرفة والعبادة والعلم لا تكون الّا بالأئمّة(ع) ،