الّذى كان موعدي وموعدكم ، على ان يكون القوم اجمعهم أو وجوههم وعدوه اللّحوق به في الطّور كما مضى في معنى هم أولاء على اثرى ، أو المعنى أخلفتم وعدكم لي باللّحوق بى ، أو بالثّبات على الدّين واتّباع هارون ، أو بحسن الخلافة لي بعدي حتّى ارجع إليكم (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا) قرئ بفتح الميم وضمّها وكسرها والثّلاثة مصادر ملك يعنى لو خلّينا ومالكيّتنا واختيارنا لما أخلفنا لكنّ السّامرىّ بتسويله أخذ منّا تملّكنا واختيارنا (وَلكِنَّا حُمِّلْنا) قرئ بضمّ الحاء وتشديد الميم وفتحها وتخفيف الميم (أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) يعنى حمّلنا أثقالا هي بعض من حلىّ القبط الّتى استعرناها للعرس أو للعيد ثمّ خرجنا من دون ردّها أو أخذناها ممّا ألقاه البحر على السّاحل بعد غرقهم ، أو حمّلنا أثقالا وآثاما لأجل حلىّ القوم الّتى اعرناها وخنّا في عدم ردّها فخدعنا بسبب الخيانة عن أدياننا فسألنا السّامرىّ ان نقذفها في النّار ليصنع لنا آلها (فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ) اى مثل القائنا الحلىّ في النّار (أَلْقَى السَّامِرِيُ) ما معه لنظنّ انّه منّا ، أو كذلك القى السّامرىّ قبلنا لنتّبعه فاتّبعناه ، والقينا ، وقيل : انّه كلام من الله معطوف على كلامهم ويؤيّده قوله تعالى (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً) فانّه لو كان من كلامهم لكان ينبغي ان يقولوا فأخرج لنا ، أو هو من كلامهم وقوله : فأخرج لهم عجلا جسدا من كلام الله ، وفي ابدال جسدا اشعار بانّ العجل لم يكن عجلا حقيقة بل كان جسدا مثل جسد العجل بلا روح (لَهُ خُوارٌ) اى صوت البقر (فَقالُوا) اى السّامرىّ ومن كان شريكه (هذا) العجل (إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) عطف على هذا إلهكم ومن كلام السّامرىّ وشركائه اى نسي موسى انّه إلهه وإلهكم وذهب يطلب الإله ، أو نسيه هاهنا وذهب يطلبه في موضع آخر ، أو نسي الإله انّه وعد موسى (ع) ان يظهر عليه من الشّجرة في الطّور وظهر هاهنا من العجل ، أو هو من قول الله ومعطوف على قالوا ، أو اخرج لهم عجلا والمعنى نسي السّامرىّ ايمانه بموسى (ع) أو دلائل نبوّة موسى (ع) والهيّة الا له ، أو نسي دلالة حدوث العجل على انّه مصنوع غير معبود (أَفَلا يَرَوْنَ) استفهام للتّوبيخ على عبدة العجل يعنى الّا يتفكّرون فلا يرون (أَلَّا يَرْجِعُ) اى انّه لا يرجع (إِلَيْهِمْ قَوْلاً) وجوابا (وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) قيل : انّ السّامرىّ بعد ما مضى من ذهاب موسى (ع) عشرون يوما قال : هذه الأربعون الّتى وعدكم موسى (ع) عشرون ليلا وعشرون يوما وأخطأ موسى (ع) ولم يرجع إليكم وخدعهم ، وقيل : لمّا تأخّر عن الثّلاثين خدعهم لانّه كان موعده الثّلاثين ، وقيل : انّه بعد ما مضى من ذهابه خمسة وثلاثون خدعهم وصنع لهم العجل في السّادس والثّلاثين والسّابع والثّامن ودعاهم الى عبادته في التّاسع وجاء موسى (ع) بعد استكمال الأربعين ، وقيل : كان السّامرىّ من أهل كرمان وكان مطاعا في بنى إسرائيل ، وقيل : كان من قرية يعبدون البقر فكان حبّ ذلك في قلبه ، وقيل : كان من بنى إسرائيل فلمّا جاوز البحر نافق فلمّا قالوا : اجعل لنا إلها كما لهم الهة اغتنمها واخرج لهم العجل ودعاهم اليه (وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ) اى من قبل عود موسى (ع) إليهم ، أو من قبل دعوة السّامرىّ الى عبادته حين ظهوره ، أو من قبل عبادتهم له بعد دعوة السّامرىّ (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) الفتن الإحراق ، والفتنة الاختبار ، والاعجاب بالشّيء ، والضّلال ، والإثم ، والكفر ، والفضيحة ، والعذاب ، وإذابة الذّهب ، والإضلال ، والجنون ، والمحنة ، والإيقاع في الاختلاف ، والإيقاع في الفتنة ، والكلّ مناسب هاهنا الّا انّه لا بدّ في بعض المعاني من جعل الماضي بمعنى المستقبل (وَإِنَّ رَبَّكُمُ) الّذى يستحقّ العبادة (الرَّحْمنُ) الّذى قوام كلّ شيء ووجوده وبقاؤه ووجود ما يحتاج اليه به