أَشَدُّ وَأَبْقى) من النّسيان والحشر أعمى ومن ضيق المعيشة حتّى انّها تعدّ في مقابل عذاب الآخرة نعمة ، وقد مضى قصّة آدم (ع) في سورة البقرة وفي سورة الأعراف مع اختلاف يسير في بعض الفقرات بحسب اللّفظ مع ما ذكر هاهنا (أَ) لم ينههم (فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) والتّقدير الم ينبّههم فأ لم يهد لهم على الخلاف في الهمزة والعاطف انّها بتقدير المعطوف عليه قبل الهمزة والهمزة على تقدير التّأخير من العاطف أو بتقدير المعطوف عليه بعد الهمزة والهمزة في محلّه وفاعل لم يهد ضمير الله أو الرّسول (ص) وحينئذ يكون جملة (كَمْ أَهْلَكْنا) في محلّ المفعول معلّقا عنها الفعل على جواز التّعليق في غير الفعل القلبىّ أو على جعل لم يهد بمعنى لم يعلم ، أو فاعل لم يهد ضمير مجمل يفسّره مضمون جملة كم أهلكنا ، أو الفاعل نفس الجملة بمضمونها ، وقرئ نهد بالنّون اى أفلم نهد نحن كم أهلكنا (قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) يعنى إهلاك الأمم الماضية ينبغي ان يكون عبرة لهم وهاديا لهم الى اليقين باهلاك أنفسهم والتّزوّد لما بعد هلاكهم (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) حال أو مستأنف جواب للسّؤال عن حالهم أو عن علّة الهداية (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإهلاك بأنواع الإهلاك (لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) لذوي العقول النّاهية أو المنتهى إليها لكلّ موجود في العالم الصّغير أو في العالم الكبير وقد فسّر اولو النّهى بالأئمّة (ع) أينما وقع (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) اى كلمة الوعد بتأخير العذاب للامّة المرحومة أو بعدم العذاب مع كون محمّد (ص) فيهم (لَكانَ) ذلك الإهلاك بأنواع الإهلاك (لِزاماً) اى لازما واللّزام بكسر اللّام اسم مصدر أو مصدر لازم وصف به مبالغة (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) لأعمارهم وأمد بقائهم في الدّنيا أو لعذابهم وهو يوم القيامة أو يوم بدر أو أحد أو فتح مكّة وهو عطف على كلمة والفصل للاشعار باستقلال كلّ منهما بنفي لزوم العذاب (فَاصْبِرْ) اى إذا كان عذابهم بسبب وعد الامهال وانقضاء الأجل مؤخّرا فاصبر (عَلى ما يَقُولُونَ) في دينك أو في الخداع بك أو في وصيّك وغصب حقّه ومنعه منه (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) قد مضى انّ المراد بالتّسبيح سواء علّق على الله أو الرّبّ أو اسم الرّبّ ، وسواء عدّى باللّام أو بنفسه أو أطلق ، وسواء كان اللّام بعده للتّعليل أو للتّقوية كان المراد تنزيه اللّطيفة الانسانيّة عن تشبّث التّعيّنات والتّعلّق بالكثرات وتلك اللّطيفة هي الرّبّ في العالم الصّغير وهي اسم الرّبّ وبتنزيهها ينزّه الله عمّا لا ينبغي ان يعتقد في حقّه ، ولمّا كان تنزيه الله تعالى راجعا الى سلب النّقائص الّتى هي حدود الوجود وهي راجعة الى سلب السّلوب كان تنزيهه عبارة عن سلب السّلوب ، وسلب السّلوب ، ليس الّا سعة الوجود ، وسعة الوجود راجعة الى سعة صفاته تعالى بحيث لا يشذّ وجود ولا صفة وجود من وجوده وصفاته وكان تسبيحه عين تحميده ولذلك قلّما يذكر تسبيح الّا ومعه الحمد بلفظه أو بمعناه وامره (ص) بالتّسبيح بسبب الحمد أو بالاشتغال بحمده أو متلبّسا بحمده لذلك يعنى نزّهه (ع) عن حدود الكثرات في عين ملاحظة كمالات الكثرات له تعالى والّا لم يكن تسبيحك تسبيحا له بل كان تنقيصا له (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) ان كان المراد بهذا التّسبيح التّسبيح الّذى كان في ضمن الصّلوات كان المراد بالتّسبيح قبل طلوع الشّمس صلوة الفجر (وَقَبْلَ غُرُوبِها) يعنى صلوة العصر (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) الآناء جمع الإني بكسر الهمزة وفتحها وجمع الانو بكسر الهمزة وسكون النّون في الجميع بمعنى السّاعات يعنى صلوة المغرب والعشاء ونوافل اللّيل (فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ) صلوة الظّهر ونوافلها ، وتسمية وقتها بالاطراف لكونه طرفي نصف النّهار ، أو المراد مطلق صلوة التّطوّع في النّهار ، وان كان المراد مطلق التّسبيح كان المراد استغراق الأوقات