والأجسام متماثلة ، لاستوائها في التّحيّز واشتباهها بتقدير الاستواء في الأعراض.
وقد يخلو الجسم من الطّعم واللّون والرّيح كالهواء (١) وهي مرئيّة واعتبارها بالحصول في الحيّز المبطل لشبهة القوم في العرض (٢).
ولا بدّ في العالم من الخلاء (٣) وإلّا لزم أنّ العالم لا يزال منتقلا عند تنقّل بعوضة واحدة وهذا محال.
والحركة حصول الجوهر في حيّز عقيب حصوله في حيّز قبله والسّكون حصوله في حيّز واحد أكثر (٤) من زمان واحد (٥) وليس حصوله بمعنى (٦) ، بل نفس الحصول الحركة (٧).
__________________
(١). نسب أبو الحسن الأشعري (مقالات الإسلاميين ، ص ٣١٠) هذا القول إلى أبي الحسين الصالحي وأصحابه ، انظر : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٥٦ ـ ٥٧ ؛ شرح المواقف ، ٧ / ٢٣٤ ؛ وذهب أبو الحسن الأشعري وأبو منصور البغدادي إلى الاستحالة ، انظر : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ص ٥٦ ـ ٥٧ ، أمّا فخر الدين الرازي وهو من الأشاعرة فذهب إلى الجواز وقال : الأجسام يجوز خلوّها عن الألوان والروائح خلافا لأصحابنا ، لنا أنّ الهواء لا لون له ولا طعم له (تلخيص المحصل ، ص ٢١٢).
(٢). الشبهة هي أنّ الأجسام لا ترى ولا يرى إلّا اللون والألوان أعراض وهو قول أبي الحسين الصالحي ومن قال بقوله وقال بعض المعتزلة : يرى اللّون والملون ولا ترى الحركات والسكون وسائر الأعراض وقال معمّر : إنّما تدرك أعراض الجسم ، فأمّا الجسم فلا يجوز أن يدرك ، انظر : مقالات الإسلاميين ، ص ٣٦٣ ؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ٥ / ٦٦ ـ ٦٩.
(٣). المراد من الخلاء كون الجسمين بحيث لا يتماسّان ولا يكون بينهما ما يماسّانه.
(٤). في «ب» : في حيّز أكثر.
(٥). راجع عن هذين التعريفين مع اختلاف يسير : تلخيص المحصل ، ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٦). في «ب» : لمعنى.
(٧). وهذا ردّ على من قال : إنّ الحركة والسكون هي الأكوان ونسب أبو الحسن الأشعري (مقالات الإسلاميين ، ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣) هذا القول إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ونسبه العلامة الحلّي (أنوار الملكوت ، ص ٢٥) إلى السيد المرتضى والبهشمية وهم أتباع أبي هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي ، لاحظ ترجمته في : تاريخ بغداد ، ١١ / ٥٥ ؛ وفيات الأعيان ، ٣ / ١٨٣ ؛ الملل والنحل ، ١ / ٩٨ في هامش الفصل في الملل والأهواء والنحل ؛ الفرق بين الفرق ، ص ١٨٤ ولاحظ ترجمة أبي على الجبائي في : وفيات الأعيان ، ٤ / ٢٦٧ ـ ٢٦٩ ؛ الملل والنحل ، ١ / ٩٨ في هامش الفصل لابن حزم الظاهري ؛ الفرق بين الفرق ، ص ١٨٣ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٢٨٠ وما بعدها.