وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء : ١٠٠] وقوله تعالى : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) أي لا يقبل منها فداء ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) [آل عمران : ٩١] وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [المائدة : ٣٦] وقال تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعام : ٧٠] وقال: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) [الحديد : ١٥]. فأخبر تعالى أنهم إن لم يؤمنوا برسوله ويتابعوه على ما بعثه به ووافوا الله يوم القيامة على ما هم عليه فإنه لا ينفعهم قرابة قريب ولا شفاعة ذي جاه ، ولا يقبل منهم فداء ولو بملء الأرض ذهبا ، كما قال تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) [البقرة : ٢٥٤] وقال : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) [إبراهيم : ٣١] قال سنيد : حدثني حجاج حدثني ابن جريج قال : قال مجاهد : قال ابن عباس : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) قال : بدل ، والبدل : الفدية ، وقال السدي : أما عدل ؛ فيعدلها ، من العدل. يقول : لو جاءت بملء الأرض ذهبا تفتدي به ما تقبل منها (١) ، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال أبو جعفر الرازي (٢) عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) يعني فداء (٣). قال ابن أبي حاتم : وروي عن أبي مالك والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك ، وقال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه في حديث طويل ، قال : والصرف والعدل : التطوع والفريضة ، وكذا قال الوليد بن مسلم عن عثمان بن أبي العاتكة عن عمير بن هانئ وهذا القول غريب هاهنا. والقول الأول أظهر في تفسير هذه الآية. وقد ورد حديث يقويه وهو ما قال ابن جرير (٤) : حدثني نجيح بن إبراهيم حدثنا علي بن حكيم حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمرو بن قيس الملائي عن رجل من بني أمية ، من أهل الشام أحسن عليه الثناء ، قال : قيل يا رسول الله ، ما العدل؟ قال : «العدل الفدية».
وقوله تعالى : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي ولا أحد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله ، كما تقدم من أنه لا يعطف عليهم ذو قرابة ولا ذو جاه ، ولا يقبل منهم فداء ، هذا كله من جانب التلطف ، ولا لهم ناصر من أنفسهم ولا من غيرهم ، كما قال : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) [الطارق : ١٠] أي أنه تعالى لا يقبل فيمن كفر به فدية ولا شفاعة ولا ينقذ أحدا من عذابه منقذ ، ولا يخلص منه أحد ، ولا يجير منه أحد ، كما قال تعالى : (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) [المؤمنون : ٨٨] وقال : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) [الفجر : ٢٦] وقال : (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) [الصافات: ٢٥] وقال : (فَلَوْ لا
__________________
(١) الطبري ١ / ٣٠٧.
(٢) تفسير الرازي ٣ / ٥١.