عليك يا رسول الله فلم يرد علي ، قال فقلت : السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي ، قال : فقلت : السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي ، قال : فانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمشي وأنا خلفه حتى دخل رحله (١) ودخلت أنا المسجد فجلست كئيبا حزينا فخرج عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد تطهر فقال : عليك السلام ورحمة الله وعليك السلام ورحمة الله وعليك السلام ورحمة الله ثم قال : «ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخير سورة في القرآن» قلت : بلى يا رسول الله ، قال «اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها (٢)» هذا إسناد جيد ، وابن عقيل هذا يحتج به الأئمة الكبار وعبد الله بن جابر هذا الصحابي ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي والله أعلم ، ويقال إنه عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي فيما ذكره الحافظ ابن عساكر. واستدلوا بهذا الحديث وأمثاله على تفاضل بعض الآيات والسور على بعض كما هو المحكي عن كثير من العلماء ، منهم إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن العربي وابن الحفار من المالكية ، وذهبت طائفة أخرى إلى أنه لا تفاضل في ذلك لأن الجميع كلام الله ، ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه ، وإن كان الجميع فاضلا ، نقله القرطبي عن الأشعري وأبي بكر الباقلاني وأبي حاتم بن حيان البستي ويحيى بن يحيى ورواية عن الإمام مالك.
حديث آخر : قال البخاري في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن المثنى ، وحدثنا وهب حدثنا هشام عن محمد عن معبد عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا في مسير لنا ، فنزلنا فجاءت جارية فقالت : إن سيد الحي سليم (٣) وإن نفرنا غيّب فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه (٤) برقية فرقاه فبرأ ، فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا. فلما رجع قلنا له : أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ فقال : لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا : لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم» وقال أبو معمر : حدثنا عبد الوارث ، حدثنا هشام ، حدثنا محمد بن سيرين حدثني معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري بهذا ، وهكذا رواه مسلم وأبو داود من رواية هشام وهو ابن حسان عن ابن سيرين به وفي بعض روايات مسلم لهذا الحديث أن أبا سعيد الخدري هو الذي رقى ذلك السليم يعني اللديغ يسمونه بذلك تفاؤلا.
__________________
(١) الرّحل : مركب للبعير والناقة ، وهو من مراكب الرجال دون النساء. ويعبّر به عما يستصحبه الراكب وعما جلس عليه في المنزل ، وعن المنزل نفسه ، وعن مسكن الرجل.
(٢) المسند ج ٦ ص ١٨٧.
(٣) السليم : الملدوغ (على التفاؤل). وهو أيضا الجريح المشفي على الهلكة. والنّفر : رهط الإنسان وعشيرته ، والجماعة الذين ينفرون في الأمر.
(٤) أبنه : عابه ، واتّهمه. والمراد : ما كنا نعلم أنه يرقي فنعيبه بذلك ، باعتبار أن توسّل الرّمى مما يعاب عليه الإنسان المسلم.