وأخبرنا أبو كريب ، أخبرنا عبد الرحيم الرازي ، قالا جميعا : سمعنا أشعث عن نافع ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن إبراهيم كان عبد الله وخليله ، وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها : عضاهها وصيدها ، لا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يقطع منها شجرة إلا لعلف بعير».
وهذه الطريق غريبة ليست في شيء من الكتب الستة ، وأصل الحديث في صحيح مسلم (١) من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كان الناس إذا رأوا أول الثمر ، جاءوا به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا أخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهم بارك لنا في ثمرنا ، وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مدنا ، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك ، وإني عبدك ونبيك ، وإنه دعاك لمكة ، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ، ومثله معه» ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر وفي لفظ «بركة مع بركة» ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان ـ لفظ مسلم.
ثم قال ابن جرير (٢) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، أخبرنا بكر بن مضر عن ابن الهاد ، عن أبي بكر بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن إبراهيم حرم مكة ، وإني أحرم ما بين لابتيها» انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه عن قتيبة عن بكر بن مضر به ، ولفظه كلفظه سواء.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبي طلحة : «التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني» فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه ، فكنت أخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلما نزل ، وقال في الحديث : ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال : «هذا جبل يحبنا ونحبه» فلما أشرف على المدينة قال : «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم به إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم» وفي لفظ لهما «اللهم بارك لهم في مكيالهم ، وبارك لهم في صاعهم ، وبارك لهم في مدهم» زاد البخاري يعني أهل المدينة (٣).
ولهما أيضا عن أنس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلته بمكة من البركة».
وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها ، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة» رواه البخاري وهذا لفظه ، ومسلم ولفظه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها ، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، وإني دعوت لها في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة».
__________________
(١) صحيح مسلم (حج حديث ٤٧٣)
(٢) تفسير الطبري ١ / ٥٩٢.
(٣) صحيح البخاري (جهاد باب ٧٤) وصحيح مسلم (حج حديث ٤٤٥)