نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف : ٢٠٠] وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ. وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [المؤمنون : ٩٦ ـ ٩٨] وقال تعالى في سورة حم السجدة : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت : ٣٤ ـ ٣٦].
والشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد ، فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير ، وقيل مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار ، ومنهم من يقول : كلاهما صحيح في المعنى ولكن الأول أصح ، وعليه يدل كلام العرب ؛ قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان عليهالسلام : [الخفيف]
أيّما شاطن عصاه عكاه |
|
ثم يلقى في السجن والأغلال (١) |
فقال أيما شاطن ولم يقل أيّما شائط. وقال النابغة الذبياني وهو زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن مرة بن سعد بن ذبيان : [الوافر]
نأت بسعاد عنك نوى شطون |
|
فباتت والفؤاد به رهين (٢) |
يقول : بعدت بها طريق بعيدة وقال سيبويه : العرب تقول تشيطن فلان إذا فعل فعل الشياطين ولو كان من شاط لقالوا تشيط فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح ، ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا. قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) [الأنعام : ١١٢] وفي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يا أبا ذر «تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن» فقلت أو للإنس شياطين؟ قال : «نعم». وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود» فقلت : يا رسول الله ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ فقال : «الكلب الأسود شيطان». وقال ابن وهب : أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركب برذونا (٣) فجعل
__________________
(١) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٥١ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٤٧ ؛ وكتاب الجيم ٢ / ٢٩٢ ؛ وتاج العروس (عكا) ؛ والطبري ١ / ٧٦ ؛ ولسان العرب (شطن ، عكا) ؛ وتهذيب اللغة ٣ / ٤٠ ؛ ومقاييس اللغة ٣ / ١٨٥ ، ويروى أيضا : «ثم يلقى في الغلّ والإكبال». وعكاه : شدّه في الحديد.
(٢) البيت للنابغة في ديوانه ص ٢١٨ ؛ ولسان العرب (شطن) ؛ ومقاييس اللغة ٣ / ١٨٤ ؛ والطبري ١ / ٧٦ ؛ ولزياد بن معاوية في تاج العروس (نبغ) ؛ وبلا نسبة في مجمل اللغة ٣ / ١٥٦.
(٣) البرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال. وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء قوي الأرجل عظيم الحوافر.