عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم «كأني به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا» رواه البخاري. وقال الإمام أحمد (١) بن حنبل في مسنده : أخبرنا أحمد بن عبد الملك الحراني ، أخبرنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ، ويسلبها حليتها ، ويجردها من كسوتها ، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله» ـ الفدع : زيغ بين القدم وعظم الساق ـ وهذا ، والله أعلم ، إنما يكون بعد خروج يأجوج ومأجوج ، لما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ليحجن البيت وليعتمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج».
وقوله تعالى حكاية لدعاء إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) قال ابن جرير (٢) : يعنيان بذلك واجعلنا مستسلمين لأمرك ، خاضعين لطاعتك ، ولا نشرك معك في الطاعة أحدا سواك ، ولا في العبادة غيرك.
وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا أبي ، أخبرنا إسماعيل عن رجاء بن حبان الحصني القرشي ، أخبرنا معقل بن عبيد الله عن عبد الكريم (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) قال : مخلصين لك ، (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) قال : مخلصة ، وقال أيضا : أخبرنا علي بن الحسين ، أخبرنا المقدمي ، أخبرنا سعيد بن عامر عن سلام بن أبي مطيع في هذه الآية (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ) قال : كانا مسلمين ، ولكنهما سألاه الثبات.
وقال عكرمة (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) قال الله : قد فعلت ، (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) قال الله : قد فعلت.
وقال السدي (٣) (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) يعنيان العرب. قال ابن جرير : والصواب أنه يعم العرب وغيرهم ، لأن من ذرية إبراهيم بني إسرائيل ، وقد قال الله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف : ١٥٩].
(قلت) وهذا الذي قاله ابن جرير لا ينفيه السدي ، فإن تخصيصهم بذلك لا ينفي من عداهم ، والسياق إنما هو العرب ، ولهذا قال بعده (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ). والمراد بذلك محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقد بعث فيهم كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) [الجمعة : ٢] ومع هذا لا ينفي رسالته إلى
__________________
(١) مسند أحمد (ج ٢ ص ٢٢٠)
(٢) تفسير الطبري ١ / ٦٠٢.
(٣) رواه الطبري ١ / ٦٠٣.