النهدي ، عن سلمان رضي الله عنه : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن السمن والجبن والفراء ، فقال «الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه».
وكذلك حرم عليهم لحم الخنزير سواء ذكي أم مات حتف أنفه ، ويدخل شحمه في حكم لحمه إما تغليبا أو أن اللحم يشمل ذلك أو بطريق القياس على رأي وكذلك حرم عليهم ما أهل به لغير الله ، وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له.
وذكر القرطبي (١) عن ابن عطية أنه نقل عن الحسن البصري : أنه سئل عن امرأة عملت عرسا للعبها فنحرت فيه جزورا ، فقال : لا تؤكل لأنها ذبحت لصنم ، وأورد القرطبي عن عائشة رضي الله عنها : أنها سئلت عما يذبحه العجم لأعيادهم فيهدون منه للمسلمين فقالت : ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا منه ، وكلوا من أشجارهم.
ثم أباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج إليها عند فقد غيرها من الأطعمة ، فقال (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) أي في غير بغي ولا عدوان وهو مجاوزة الحد (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي في أكل ذلك (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وقال مجاهد : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ، قاطعا للسبيل أو مفارقا للأئمة ، أو خارجا في معصية الله ، فله الرخصة ، ومن خرج باغيا أو عاديا أو في معصية الله ، فلا رخصة له وإن اضطر إليه ، وكذا روي عن سعيد ، بن جبير. وقال سعيد في رواية عنه ومقاتل بن حيان : غير باغ يعني غير مستحلة ، وقال السدي : غير باغ ، يبتغي فيه شهوته ، وقال آدم بن أبي إياس : حدثنا ضمرة عن عثمان بن عطاء وهو الخراساني ، عن أبيه ، في قوله (غَيْرَ باغٍ) قال : لا يشوي من الميتة ليشتهيه ، ولا يطبخه ، ولا يأكل إلا العلقة ، ويحمل معه ما يبلغه الحلال ، فإذا بلغه ألقاه ، وهو قوله (وَلا عادٍ) ويقول لا يعدو به الحلال ، وعن ابن عباس : لا يشبع منها ، وفسره السدي بالعدوان ، وعن ابن عباس (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) قال (غَيْرَ باغٍ) في الميتة ولا عاد في أكله ، وقال قتادة : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ، قال : غير باغ في الميتة أي في أكله أن يتعدى حلالا إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة ، وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله : فمن اضطر ، أي أكره على ذلك بغير اختياره.
[مسألة] إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا قطع فيه ولا أذى ، فإنه لا يحل له أكل الميتة بل يأكل طعام الغير بغير خلاف ـ كذا قال (٢) ـ ثم قال : وإذا أكله ، والحالة هذه ، هل يضمن أم لا؟ فيه قولان هما روايتان عن مالك ، ثم أورد (٣) من سنن ابن ماجة من حديث شعبة
__________________
(١) تفسير القرطبي ٢ / ٢٢٤.
(٢) أي القرطبي.
(٣) تفسير القرطبي ٢ / ٢٢٦.