عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن وائلة يعني ابن الأسقع : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» (١).
وقد روي من حديث جابر بن عبد الله وفيه : أن الزبور أنزل لثنتي عشرة خلت من رمضان ، والإنجيل لثماني عشرة ، والباقي كما تقدم ، رواه ابن مردويه. وأما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل ، فنزل كل منها على النبي الذي أنزل عليه جملة واحدة ، وأما القرآن فإنما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه ، كما قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١] وقال (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان : ٣] ثم نزل بعده مفرقا بحسب الوقائع على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، هكذا روي من غير وجه عن ابن عباس ، كما قال إسرائيل عن السدي ، عن محمد بن أبي المجالد ، عن مقسم ، عن ابن عباس : أنه سأل عطية بن الأسود فقال : وقع في قلبي الشك ، قول الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) وقوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١] وقد أنزل في شوال ، وفي ذي القعدة ، وفي ذي الحجة ، وفي المحرم وصفر وشهر ربيع ، فقال ابن عباس : إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ، ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلا في الشهور والأيام ، رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وهذا لفظه.
وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ، أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان إلى سماء الدنيا ، فجعل في بيت العزة ، ثم أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في عشرين سنة لجواب كلام الناس ، وفي رواية عكرمة عن ابن عباس ، قال : نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر ، على هذه السماء الدنيا جملة واحدة ، وكان الله يحدث لنبيه ما يشاء ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه ، وذلك قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [الفرقان : ٣٢].
وقوله : (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) هذا مدح للقرآن الذي أنزله الله هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه (وَبَيِّناتٍ) أي دلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال ، والرشد المخالف للغي ، ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام.
وقد روي عن بعض السلف : أنه كره أن يقال إلا شهر رمضان ، ولا يقال رمضان ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن بكار بن الريان ، حدثنا ابو معشر عن محمد بن كعب
__________________
(١) مسند أحمد (ج ٤ ص ١٠٧)