وحكى أبو جعفر بن جرير (١) في تفسيره عن بعضهم : أنه إنما يجب الإمساك من طلوع الشمس كما يجوز الإفطار بغروبها. (قلت) وهذا القول ما أظن أحدا من أهل العلم يستقر له قدم عليه ، لمخالفته نص القرآن في قوله (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ).
وقد ورد في الصحيحين (٢) من حديث القاسم عن عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يمنعكم أذان بلال عن سحوركم ، فإنه ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» لفظ البخاري.
وقال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «ليس الفجر المستطيل في الأفق ولكن المعترض الأحمر» ورواه الترمذي ولفظهما «كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر».
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة عن شيخ من بني قشير ، سمعت سمرة بن جندب يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يغرنكم نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر الفجر أو يطلع الفجر» ، ثم رواه من حديث شعبة وغيره ، عن سواد بن حنظلة ، عن سمرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكنه الفجر المستطير في الأفق» ، قال : وحدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن علية عند عبد الله بن سوادة القشيري عن أبيه ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض ـ لعمود الصبح ـ حتى يستطير» رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب ، عن إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية مثله سواء.
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا ابن المبارك عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا يمنعن أحدكم أذان بلال عن سحوره ، أو قال نداء بلال ، فإن بلالا يؤذن بليل أو قال ينادي لينبه نائمكم وليرجع قائمكم ، وليس الفجر أن يقول هكذا وهكذا حتى يقول هكذا» ، ورواه من وجه آخر عن التيمي به ، وحدثني الحسن بن الزبرقان النخعي حدثني أبو أسامة عن محمد بن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان : «وإنما هو المستطير الذي يأخذ الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام» وهذا مرسل جيد.
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ١٧٧.
(٢) البخاري (أذان باب ١٣ ، وصوم باب ١٧) ومسلم (صيام حديث ٣٩ ، ٤٢ ، ٤٣)
(٣) تفسير الطبري ٢ / ١٧٩.