شاء تصدق بفرق ، وهو ثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع وهو مدان ، وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء أيّ ذلك فعل أجزأه ، ولما كان لفظ القرآن في بيان الرخصة جاء بالأسهل فالأسهل (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) ولما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم كعب بن عجرة بذلك ، أرشده إلى الأفضل فالأفضل ، فقال : أنسك شاة ، أو أطعم ستة مساكين ، أو صم ثلاثة أيام ، فكل حسن في مقامه ، ولله الحمد والمنة.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : ذكر الأعمش ، قال : سأل إبراهيم سعيد بن جبير عن هذه الآية (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فأجابه بقوله : يحكم عليه إطعام ، فإن كان عنده اشترى شاة ، وإن لم يكن قومت الشاة دراهم وجعل مكانها طعام فتصدق ، وإلا صام لكل نصف صاع يوما ، قال إبراهيم : كذلك سمعت علقمة يذكر ، قال : لما قام لي سعيد بن جبير : من هذ ما أظرفه؟ قال : قلت : هذا إبراهيم ، فقال : ما أظرفه كان يجالسنا ، قال : فذكرت ذلك لإبراهيم قال : فلما قلت : يجالسنا انتفض منها.
وقال ابن جرير (٢) أيضا : حدثنا ابن أبي عمران ، حدثنا عبيد الله بن معاذ عن أبيه ، عن أشعث ، عن الحسن في قوله (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) قال : إذا كان بالمحرم أذى من رأسه ، حلق وافتدى بأي هذه الثلاثة شاء ، والصيام عشرة أيام ، والصدقة على عشرة مساكين ، كل مسكين مكوكين : مكوكا من تمر ، ومكوكا من بر ، والنسك شاة.
وقال قتادة عن الحسن وعكرمة في قوله (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) قال : إطعام عشرة مساكين ، وهذان القولان من سعيد بن جبير وعلقمة والحسن وعكرمة ، قولان غريبان فيهما نظر ، لأنه قد ثبتت السنة في حديث كعب بن عجرة الصيام ثلاثة أيام لا ستة ، أو إطعام ستة مساكين ، أو نسك شاة ، وأن ذلك على التخيير كما دل عليه سياق القرآن ، وأما هذا الترتيب فإنما هو معروف في قتل الصيد كما هو نص القرآن وعليه أجمع الفقهاء هناك بخلاف هذا ، والله أعلم.
وقال هشيم : أخبرنا ليث عن طاوس أنه كان يقول : ما كان من دم أو طعام فبمكة ، وما كان من صيام فحيث شاء ، وكذا قال مجاهد وعطاء والحسن ، وقال هشيم : أخبرنا حجاج وعبد الملك وغيرهما عن عطاء أنه كان يقول : ما كان من دم فبمكة ، وما كان من طعام وصيام فحيث شاء ، وقال هشيم : أخبرنا يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد ، أخبرنا أبو أسماء مولى ابن جعفر ، قال : حج عثمان بن عفان ومعه علي والحسين بن علي فارتحل عثمان ، قال أبو أسماء وكنت مع ابن جعفر فإذا نحن برجل نائم وناقته عند رأسه ، قال : فقلت : أيها النائم ، فاستيقظ فإذا الحسين بن علي ، قال : فحمله ابن جعفر حتى أتينا به السقيا ، قال : فأرسل إلي علي ومعه أسماء بنت عميس ، قال : فمرضناه نحوا من عشرين ليلة ، قال : قال علي للحسين :
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٢٤٤.
(٢) تفسير الطبري ٢ / ٢٤٤.