علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ولا جدال في الحج ، المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك فنهى الله عن ذلك ، وقال إبراهيم النخعي (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) قال : كانوا يكرهون الجدال ، وقال محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : الجدال في الحج السباب والمنازعة ، وكذا روى ابن وهب عن يونس ، عن نافع : أن ابن عمر كان يقول : الجدال في الحج السباب والمراء والخصومات ، وقال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن الزبير والحسن وإبراهيم وطاوس ومحمد بن كعب ، قالوا الجدال المراء ، وقال عبد الله بن المبارك عن يحيى بن بشر ، عن عكرمة (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) والجدال الغضب ، أن تغضب عليك مسلما إلا أن تستعتب مملوكا فتغضبه من غير أن تضربه ، فلا بأس عليك إن شاء الله.
(قلت) ولو ضربه لكان جائزا سائغا ، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن إدريس ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجاجا حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلست عائشة إلى جنب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجلست إلى جانب أبي ، وكانت زمالة أبي بكر وزمالة رسول الله صلىاللهعليهوسلم واحدة مع غلام أبي بكر ، فجلس أبو بكر ينتظره إلى أن يطلع عليه ، فأطلع وليس معه بعيره ، فقال : أين بعيرك؟ فقال : أضللته البارحة ، فقال أبو بكر : بعير تضلله؟ فطفق يضربه ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يبتسم ويقول «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع» وهكذا أخرجه أبو داود وابن ماجة من حديث ابن إسحاق ، ومن هذا الحديث حكى بعضهم عن بعض السلف أنه قال : من تمام الحج ضرب الجمال ، ولكن يستفاد من قول النبي صلىاللهعليهوسلم عن أبي بكر رضي الله عنه «انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع» كهيئة الإنكار اللطيف أن الأولى ترك ذلك ، والله أعلم.
وقد قال الإمام عبد بن حميد في مسنده : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن موسى بن عبيدة ، عن أخيه عبد الله بن عبيد الله ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «من قضى نسكه وسلّم المسلمون من لسانه ويده ، غفر له ما تقدم من ذنبه».
وقوله (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعلا ، حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به ، وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة ، وقوله (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) قال العوفي ، عن ابن عباس : كان أناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة ، يقولون : نحج بيت الله ولا يطعمنا؟ فقال الله : تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة : أن ناسا كانوا يحجون بغير زاد فأنزل الله (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) وكذا رواه ابن جرير عن عمرو وهو الفلاس ، عن ابن عيينة ، قال ابن أبي حاتم : وقد روى هذا الحديث ورقاء عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال وما يرويه عن ابن عيينة أصح.