رجل إلى عبد الله بن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إنا نقوم نكري ويزعمون أنه ليس لنا حج ، قال : ألستم تحرمون كما يحرمون ، وتطوفون كما يطوفون ، وترمون كما يرمون؟ قال : بلى ، قال فأنت حاج ، ثم قال ابن عمر جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عما سألت عنه ، فنزلت هذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ورواه عبد بن حميد في تفسيره عن عبد الرزاق به ، وهكذا روى هذا الحديث أبو حذيفة عن الثوري مرفوعا ، وهكذا روي من غير هذا الوجه مرفوعا ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عباد بن العوام عن العلاء بن المسيب عن أبي أمامة التيمي ، قال : قلت لابن عمر : إنا أناس نكري في هذا الوجه إلى مكة ، وإن أناسا يزعمون أنه لا حج لنا ، فهل ترى لنا حجا؟ قال : ألستم تحرمون وتطوفون بالبيت وتقضون المناسك؟ قال : قلت : بلى ، قال «فأنتم حجاج» ثم قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن الذي سألت فلم يدر ما يعود عليه ، أو قال : فلم يرد شيئا حتى نزلت (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فدعا الرجل فتلاها عليه ، وقال «أنتم حجاج» وكذا رواه مسعود بن سعد وعبد الواحد بن زياد وشريك القاضي عن العلاء بن المسيب مرفوعا.
وقال ابن جرير (١) : حدثني طليق بن محمد الواسطي ، حدثنا أسباط هو ابن محمد ، أخبرنا الحسن بن عمرو هو الفقيمي عن أبي أمامة التيمي ، قال : قلت لابن عمر : إنا قوم نكري ، فهل لنا حج؟ فقال : أليس تطوفون بالبيت ، وتأتون المعروف ، وترمون الجمار ، وتحلقون رؤوسكم؟ قلنا : بلى ، قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن الذي سألتني عنه ، فلم يدر ما يقول له حتى نزل جبريل عليهالسلام بهذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) إلى آخر الآية ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «أنتم حجاج» وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا غندر عن عبد الرحمن بن المهاجر عن أبي صالح مولى عمرو قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، كنتم تتجرون في الحج؟ قال : وهل كانت معايشهم إلا في الحج؟
وقوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) إنما صرف عرفات وإن كان علما على مؤنث ، لأنه في الأصل جمع كمسلمات ومؤمنات ، سمي به بقعة معينة فروعي فيه الأصل فصرف ، اختاره ابن جرير.
وعرفة موضع الوقوف في الحج ، وهي عمدة أفعال الحج ، ولهذا روى الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن الثوري عن بكير عن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الحج عرفات ـ ثلاثا ـ فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ، وأيام منى ثلاثة ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه» ووقت الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم وقف في حجة
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٢٩٤.