دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١٨)
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه ، حدثني الحضرمي عن أبي السوار ، عن جندب بن عبد الله ، أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بعث رهطا ، وبعث عليهم أبا عبيدة بن الجراح ، فلما ذهب ينطلق بكى صبابة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحبسه فبعث عليهم مكانه عبد الله بن جحش ، وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا ، وقال «لا تكرهن أحدا على السير معك من أصحابك» فلما قرأ الكتاب استرجع ، وقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله ، فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب ، فرجع رجلان وبقي بقيتهم ، فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ، ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو من جمادى ، فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام ، فأنزل الله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) الآية.
وقال السدي (١) عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) الآية ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية ، وكانوا سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي ، وفيهم عمار بن ياسر وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل ، وسهيل بن بيضاء وعامر بن فهيرة وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب ، وكتب لابن جحش كتابا وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل بطن ملل فلما نزل بطن ملل فتح الكتاب فإذا فيه «أن سر حتى تنزل بطن نخلة» فقال لأصحابه : من كان يريد الموت فليمض وليوص ، فإنني موص وماض لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسار ، فتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة ، أضلا راحلة لهما فتخلفا (٢) يطلبانها ، وسار ابن جحش إلى بطن نخلة ، فإذا هو بالحكم بن كيسان والمغيرة بن عثمان [وعمرو بن الحضرمي] (٣) وعبد الله بن المغيرة ، وانفلت [المغيرة] (٤) وقتل عمرو ، قتله واقد ابن عبد الله ، فكانت أول غنيمة غنمها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رجعوا إلى المدينة بأسيرين وما أصابوا من المال ، أراد أهل مكة أن يفادوا الأسيرين عليه [فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : حتى تنظر ما فعل صاحبانا ، فلما رجع سعد وصاحبه فادى بالأسيرين ، ففجر عليه المشركون] (٥). وقالوا : إن محمدا يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام وقتل صاحبنا في رجب ، فقال
__________________
(١) رواه الطبري في تفسيره ٢ / ٣٦١.
(٢) في الطبري : «فأتيا بحران يطلبانها».
(٣) الزيادة بين معقوفين من الطبري.