عبد الحميد بن بهرام الفزاري ، حدثنا شهر بن حوشب ، قال : سمعت عبد الله بن عباس يقول : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات وحرم كل ذات دين غير الإسلام. قال الله عزوجل : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) [المائدة : ٥] وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية ، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية ، فغضب عمر بن الخطاب غضبا شديدا حتى هم أن يسطو عليهما فقالا نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب فقال : لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن ، ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة ، فهو حديث غريب جدا ، وهذا الأثر غريب عن عمر أيضا.
قال أبو جعفر بن جرير رحمهالله : بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات : وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني. كما حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق ، قال : تزوج حذيفة يهودية ، فكتب إليه عمر : خلّ سبيلها ، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام ، فأخلي سبيلها؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن ، وهذا إسناد صحيح.
وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل ، عن وكيع ، عن الصلت ، نحوه ، وقال ابن جرير : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا سفيان بن سعيد عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن وهب ، قال : قال عمر بن الخطاب : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة ، قال : وهذا أصح إسنادا من الأول ، ثم قال : وقد حدثنا تميم بن المنتصر ، أخبرنا إسحاق الأزرقي عن شريك ، عن أشعث بن سوار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا» ثم قال : وهذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه ، فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه [أولى من خبر عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب] (١) ، كذا قال ابن جرير رحمهالله.
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ، أنه كره نكاح أهل الكتاب ، وتأول (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ). وقال البخاري : وقال ابن عمر : لا أعلم شركا أعظم من أن تقول : ربها عيسى ، وقال أبو بكر الخلال الحنبلي : حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم وأخبرني محمد بن علي ، حدثنا صالح بن أحمد ، أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) قال : مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام.
وقوله (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) قال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة ، كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها ، ثم فزع فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره خبرهما ،
__________________
(١) الزيادة من الطبري ٢ / ٣٩٠.