فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر ، فقالا : يا رسول الله ، إن اليهود قالت : كذا وكذا ، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما ، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما ، رواه مسلم من حديث حماد بن زيد بن سلمة ، فقوله (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) يعني الفرج ، لقوله «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم ، إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.
قال أبو داود أيضا : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد عن أيوب ، عن عكرمة ، عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، كان إذا أراد من الحائض شيئا يلقي على فرجها ثوبا ، وقال أبو داود أيضا : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد الله يعني ابن عمر بن غانم ، عن عبد الرحمن يعني ابن زياد ، عن عمارة بن غراب أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة قالت : إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها فراش إلا فراش واحد ، قالت : أخبرك بما صنع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، دخل فمضى إلى مسجده ، قال أبو داود : تعني مسجد بيتها ، فما انصرف حتى غلبتني عيني فأوجعه البرد فقال «ادني مني» فقلت : إني حائض ، فقال «اكشفي عن فخذيك» فكشفت فخذي ، فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفيء ونام صلىاللهعليهوسلم.
وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة ، أن مسروقا ركب إلى عائشة فقال : السلام على النبي وعلى أهله ، فقالت عائشة : مرحبا مرحبا ، فأذنوا له فدخل فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي ، فقالت : إنما أنا أمك وأنت ابني ، فقال : ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت له : كل شيء إلا فرجها. ورواه أيضا عن حميد بن مسعدة ، عن يزيد بن زريع ، عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن ، عن مروان الأصفر ، عن مسروق قال : قلت لعائشة : ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت : كل شيء إلا الجماع. وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة ، وروى ابن جرير أيضا عن أبي كريب عن ابن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن ميمون بن مهران ، عن عائشة ، قالت له : ما فوق الإزار.
(قلت) ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف ، قالت عائشة : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض ، وكان يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن. وفي الصحيح عنها ، قالت : كنت أتعرق العرق (١) وأنا حائض فأعطيه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه ، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه.
وقال أبو داود (٢) : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن جابر بن صبح ، سمعت خلاسا الهجري
__________________
(١) العرق : العظم إذا أخذ منه معظم اللحم. وتعرّقه : أخذ عنه اللحم بأسنانه.
(٢) سنن أبي داود (طهارة باب ١٠٦)