وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، قال ، عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه ، وأسأله عنها ، حتى انتهيت إلى هذه الآية (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال ابن عباس : إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون (١) النساء بمكة ويتلذذون بهن ، فذكر القصة بتمام سياقها ، وقول ابن عباس إن ابن عمر ـ والله يغفر له ـ أو هم ، كأنه يشير إلى ما رواه البخاري : حدثنا إسحاق حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا ابن عون عن نافع ، قال ، كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عنه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال : أتدري فيم أنزلت؟ قلت : لا. قال : أنزلت في كذا وكذا ، ثم مضى ، وعن عبد الصمد قال ، حدثني أبي ، حدثنا أيوب عن نافع ، عن ابن عمر (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : أن يأتيها في ... هكذا رواه البخاري ، وقد تفرد به من هذا الوجه.
وقال ابن جرير (٢) ، حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية حدثنا ابن عون عن نافع ، قال قرأت ذات يوم (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال ابن عمر أتدري فيم نزلت؟ قلت : لا. قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن. وحدثني أبو قلابة. حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قال : في الدبر. وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ولا يصح.
وروى النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ، أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا ، فأنزل الله (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). قال أبو حاتم الرازي ، لو كان هذا عند زيد بن أسلم عن ابن عمر ، لما أولع الناس بنافع ، وهذا تعليل منه لهذا الحديث. وقد رواه عبد الله بن نافع عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عمر ، فذكره.
وهذا الحديث محمول على ما تقدم وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها ، لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النفيلي عن سعيد بن عيسى ، عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي النضر ، أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر ، أنه قد أكثر عليك القول ، أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن ، قال : كذبوا عليّ ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر ، إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال : يا نافع ، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت : لا. قال ،
__________________
(١) شرح المرأة : أتاها مستلقية. ومنه : غطت المرأة مشرحها أي فرجها (أساس البلاغة : شرح)
(٢) تفسير الطبري ٢ / ٤٠٧.