أبدا ، إني رفعت جانب الخباء فرأيته قد أقبل في عدة ، فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها ، فقال زوجها : يا رسول الله ، إني قد أعطيتها أفضل مالي حديقة لي ، فإن ردت علي حديقتي ، قال «ما تقولين»؟ قالت : نعم وإن شاء زدته ، قال : ففرق بينهما.
حديث آخر ـ قال ابن ماجة : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، قال : كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس ، وكان رجلا دميما ، فقالت يا رسول الله ، والله لو لا مخافة الله إذا دخل عليّ بصقت في وجهه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أتردين إليه حديقته»؟ قالت : نعم ، فردت عليه حديقته ، قال: ففرق بينهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقد اختلف الأئمة رحمهمالله في أنه هل يجوز للرجل أن يفاديها بأكثر مما أعطاها ، فذهب الجمهور إلى جواز ذلك لعموم قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) وقال ابن جرير (١) : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا أيوب عن كثير مولى سمرة أن عمر أتي بامرأة ناشز ، فأمر بها إلى بيت كثير الزبل [ثلاثا] (٢) ، ثم دعا بها فقال : كيف وجدت؟ فقالت : ما وجدت راحة منذ كنت عنده إلا هذه الليلة التي كنت حبستني ، فقال لزوجها : اخلعها ولو من قرطها ، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن كثير مولى سمرة فذكر مثله ، وزاد فحبسها فيه ثلاثة أيام.
قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، عن حميد بن عبد الرحمن : أن امرأة أتت عمر بن الخطاب ، فشكت زوجها ، فأباتها في بيت الزبل ، فلما أصبحت قال لها : كيف وجدت مكانك؟ قالت : ما كنت عنده ليلة أقر لعيني من هذه الليلة. فقال : خذ ولو عقاصها.
وقال البخاري : وأجاز عثمان الخلع دون عقاص (٣) رأسها ، وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن عبد الله بن عقيل ، أن الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته ، قالت : كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني ، ويحرمني إذا غاب عني ، قالت : فكانت مني زلة يوما فقلت له : اختلع منك بكل شيء أملكه ، قال : نعم ، قالت : ففعلت ، قالت : فخاصم عمي معاذ بن عفراء إلى عثمان بن عفان ، فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه ، أو قالت : ما دون عقاص الرأس ، ومعنى هذا أنه يجوز أن يأخذ منها كل ما بيدها من قليل وكثير ولا يترك لها سوى عقاص شعرها ، وبه يقول ابن عمر وابن عباس ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وقبيصة بن ذؤيب والحسن بن صالح وعثمان البتي ، وهذا مذهب مالك والليث والشافعي وأبي ثور ، واختاره ابن
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٤٨٣.
(٢) الزيادة من الطبري.
(٣) العقاص : جمع عقيصة ، وهي الضفيرة.