الكتاب. قال البيهقي وليث بن أبي سليم ، وإن كان غير محتج به ، فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس فهو مقوله.
وقوله : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) أي النساء ، عما وجب لها على زوجها ، فلا يجب لها عليه شيء ، قال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) قال : إلا أن تعفوا الثيب فتدع حقها. قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم رحمهالله : روي عن شريح وسعيد بن المسيب وعكرمة ومجاهد والشعبي والحسن ونافع وقتادة وجابر بن زيد وعطاء الخراساني والضحاك والزهري ومقاتل بن حيان وابن سيرين والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك. قال : وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) يعني الرجال ، وهو قول شاذ لم يتابع عليه ، انتهى كلامه.
وقوله : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) قال ابن أبي حاتم : ذكر عن ابن لهيعة حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال «ولي عقد النكاح الزوج» وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد الله بن لهيعة به ، وقد أسنده ابن جرير عن ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره ولم يقل عن أبيه عن جده ، فالله أعلم. ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا جابر يعني ابن أبي حازم ، عن عيسى يعني ابن عاصم ، قال : سمعت شريحا يقول : سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح ، فقلت له : هو ولي المرأة ، فقال علي : لا ، بل هو الزوج ، ثم قال : وفي إحدى الروايات عن ابن عباس وجبير بن مطعم وسعيد بن المسيب وشريح في أحد قوليه ، وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعكرمة ونافع ومحمد بن سيرين والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وجابر بن زيد وأبي مجلز والربيع بن أنس وإياس بن معاوية ومكحول ومقاتل بن حيان ، أنه الزوج (قلت) وهذا هو الجديد من قولي الشافعي ، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه ، والثوري وابن شبرمة والأوزاعي ، واختاره ابن جرير ، ومأخذ هذا القول أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة الزوج ، فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها ، وكما أنه لا يجوز للوليّ ، أن يهب شيئا من مال المولية للغير ، فكذلك في الصداق ، قال : والوجه الثاني حدثنا أبي حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا محمد بن مسلم ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ـ في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح ـ قال : ذلك أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه. وروي عن علقمة والحسن وعطاء وطاوس والزهري وربيعة وزيد بن أسلم وإبراهيم النخعي وعكرمة في أحد قوليه ، ومحمد بن سيرين في أحد قوليه أنه الولي. وهذا مذهب مالك ، وقول الشافعي في القديم ، ومأخذه أن الولي هو الذي أكسبها إياه ، فله التصرف فيه بخلاف سائر مالها. وقال ابن جرير (١) : حدثنا سعيد بن الربيع الرازي ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، قال : أذن الله في العفو وأمر به ، فأي امرأة عفت
__________________
(١) تفسير الطبري ٢ / ٥٦٠.