لكونه ما مات قتيلا في الحرب ، ويتأسف على ذلك ، ويتألم أن يموت على فراشه.
وقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) ، يحث تعالى عباده على الانفاق في سبيل الله ، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع ، وفي حديث النزول أنه يقول تعالى : «من يقرض غير عديم ولا ظلوم» وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لما نزلت (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) ، قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله ، وإن الله عزوجل ليريد منا القرض؟ قال : «نعم يا أبا الدحداح». قال : أرني يدك يا رسول الله. قال : فناوله يده ، قال : فإني قد أقرضت ربي عزوجل حائطي ، قال : وحائط له فيه ستمائة نخلة ، وأم الدحداح فيه وعيالها. قال فجاء أبو الدحداح فنادها : يا أم الدحداح. قالت : لبيك. قال : اخرجي ، فقد أقرضته ربي عزوجل. وقد رواه ابن مردويه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن عمر رضي الله عنه مرفوعا بنحوه.
وقوله : (قَرْضاً حَسَناً) روي عن عمر وغيره من السلف هو النفقة في سبيل الله ، وقيل: هو النفقة على العيال ، وقيل : هو التسبيح والتقديس.
وقوله : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) كما قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٦١] ، وسيأتي الكلام عليها.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا يزيد ، أخبرنا مبارك بن فضالة ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : أتيت أبا هريرة رضي الله عنه ، فقلت له : إنه بلغني أنك تقول إن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة ، قال : وما أعجبك من ذلك ، لقد سمعته من النبي صلىاللهعليهوسلم يقول «إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة» هذا حديث غريب ، وعلي بن زيد بن جدعان عنده مناكير.
لكن رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال : حدثنا أبو خلاد سليمان بن خلاد المؤدب ، حدثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدثنا محمد بن عقبة الرفاعي عن زياد الجصاص عن أبي عثمان النهدي ، قال : لم يكن أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني ، فقدم قبلي حاجا ، قال : وقدمت بعده ، فإذا أهل البصرة يأثرون عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقول «إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة» فقلت : ويحكم ، والله ما كان أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني ، فما سمعت هذا الحديث ، قال : فتحملت أريد أن ألحقه فوجدته قد انطلق حاجا ، فانطلقت إلى الحج ألقاه في هذا الحديث ، فلقيته لهذا ، فقلت : يا أبا هريرة ، ما حديث سمعت أهل البصرة يأثرون عنك؟ قال : ما هو؟ قلت : زعموا أنك تقول : إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة ،
__________________
(١) مسند أحمد (ج ٢ ص ٢٩٦)