كان لي على فلان بن فلان ـ الحرامي ـ مال ، فأتيت أهله ، فسلمت فقلت : أثم هو؟ قالوا : لا ، فخرج عليّ ابن له جفر (١) ، فقلت : أين أبوك؟ فقال : سمع صوتك فدخل أريكة أمي ، فقلت : اخرج إلي فقد علمت أين أنت ، فخرج ، فقلت ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال : أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك ، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك أو أعدك فأخلفك ، وكنت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكنت والله معسرا. قال : قلت : آلله. قال : قلت : آلله؟ قال : الله. قلت : الله ثم قال : فأتى بصحيفته فمحاها بيده ، ثم قال : فإن وجدت قضاء فاقضني وإلا فأنت في حل ، فأشهد بصر عينيّ هاتين ـ ووضع إصبعيه على عينيه ـ وسمع أذنيّ هاتين ، ووعاه قلبي ـ وأشار إلى مناط قلبه ، رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : من أنظر معسرا أو وضع عنه ، أظله الله في ظله. وذكر تمام الحديث.
حديث آخر عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحمن ، حدثنا الحسن بن أسد بن سالم الكوفي ، حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري ، عن هشام بن زياد القرشي ، عن أبيه ، عن محجن مولى عثمان ، عن عثمان ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «أظل الله عينا في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، من أنظر معسرا ، أو ترك لغارم».
حديث آخر عن ابن عباس. قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني ، عن مقاتل بن حيان ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المسجد وهو يقول بيده : هكذا ، وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض «من أنظر معسرا أو وضع عنه ، وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ـ ثلاثا ـ ألا إن عمل النار سهل بسهوة ، والسعيد من وقي الفتن ، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد الله إلا ملأ الله جوفه إيمانا» تفرد به أحمد.
طريق آخر قال الطبراني : حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديبية من ديار ربيعة ، حدثنا الحسن بن علي الصدائي ، حدثنا الحكم بن الجارود ، حدثنا ابن أبي المتئد خال ابن عيينة ، عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته».
ثم قال تعالى يعظ عباده ، ويذكرهم زوال الدنيا ، وفناء ما فيها من الأموال وغيرها ، وإتيان الآخرة ، والرجوع إليه تعالى ، ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا ، ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر ، ويحذرهم عقوبته ، فقال : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ
__________________
(١) الجفر : الصبي انتفخ لحمه وصار له كرش.
(٢) المسند (ج ١ ص ٣٢٧)