ما هو ذارئ إلى يوم القيامة ، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر (١) ، فقال : أي رب من هذا؟ قال : هو ابنك داود ، قال : أي رب ، كم عمره ، قال ستون عاما ، قال : رب زد في عمره ، قال : لا إلا أن أزيده من عمرك ، وكان عمر آدم ألف سنة ، فزاده أربعين عاما ، فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة ، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة ، قال : إنه بقي من عمري أربعون عاما ، فقيل له : إنك وهبتها لابنك داود ، قال : ما فعلت ، فأبرز الله عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة». وحدثنا أسود بن عامر ، عن حماد بن سلمة ، فذكره وزاد فيه «فأتمها الله لداود مائة وأتمها لآدم ألف سنة». وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يوسف بن أبي حبيب ، عن أبي داود الطيالسي ، عن حماد بن سلمة : هذا حديث غريب جدا ، وعلي بن زيد بن جدعان في أحاديثه نكارة ، وقد رواه الحاكم في مستدركه بنحوه من حديث الحارث بن عبد الرحمن بن أبي وثاب عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، ومن رواية أبي داود بن أبي هند ، عن الشعبي عن أبي هريرة ، ومن طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، ومن حديث تمام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فذكره بنحوه.
فقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها ، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد فيها ، وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال : (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) قال : أنزلت في السلم (٢) إلى أجل غير معلوم ، وقال قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس ، قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه ، ثم قرأ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، رواه البخاري ، وثبت في الصحيحين من رواية سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح ، عن عبد الله بن كثير ، عن أبي المنهال ، عن ابن عباس ، قال قدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم» (٣).
وقوله : (فَاكْتُبُوهُ) أمر منه تعالى بالكتابة للتوثقة والحفظ ، فإن قيل : فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» فما الجمع بينه وبين الأمر بالكتابة؟ فالجواب أن الدين من حيث هو غير مفتقر إلى كتابة أصلا ، لأن كتاب الله
__________________
(١) يزهر : يضيء.
(٢) السّلم : بيع شيء موصوف في الذمة بثمن عاجل.
(٣) أخرجه البخاري (سلم باب ١ ، ٧٢) ومسلم) مساقاة حديث ١٢٨ وأبو داود (بيوع باب ٥٥) والترمذي (بيوع باب ٦٨). والنسائي (بيوع باب ٦٣) وابن ماجة (تجارات باب ٥٩)