والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلّتين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن ، ثم يقال له : اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذّا كان (١) أو ترتيلا» (٢) وروى ابن ماجة من حديث بشر بن المهاجر بعضه (٣) ، وهذا إسناد حسن على شرط مسلم فإن بشرا هذا خرج له مسلم ووثقه ابن معين وقال النسائي : ما به بأس ، إلا أن الإمام أحمد قال فيه : هو منكر الحديث قد اعتبرت أحاديثه فإذا هي تأتي بالعجب. وقال البخاري : يخالف في بعض حديثه. وقال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي : روى ما لا يتابع عليه. وقال الدارقطني : ليس بالقوي. (قلت) ولكن لبعضه شواهد فمن ذلك حديث أبي أمامة الباهلي. قال الإمام أحمد : حدّثنا عبد الملك بن عمرو حدّثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «اقرءوا القرآن فإنه شافع لأهله يوم القيامة اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أهلهما» يوم القيامة ثم قال «اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة» (٤) وقد رواه مسلم في الصلاة من حديث معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي به الزهراوان : المنيرتان ، والغياية : ما أظلك من فوقك ، والفرق : القطعة من الشيء ، والصواف المصطفة المتضامة ، والبطلة السحرة ، ومعنى لا تستطيعها أي لا يمكنهم حفظها وقيل لا تستطيع النفوذ في قارئها والله أعلم. ومن ذلك حديث النواس بن سمعان قال الإمام أحمد (٥) : حدّثنا يزيد بن عبد ربه حدّثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير قال : سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران» وضرب لهما رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال «كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق (٦) كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما» ورواه مسلم (٧) عن
__________________
(١) هذّ القرآن : أسرع في قراءته ، وهو غير محمود.
(٢) الحديث رواه أحمد في المسند (ج ٩ ص ٩)
(٣) وروى مسلم بعضه من حديث أبي أمامة الباهلي مرفوعا (صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين حديث ٢٥٢)
(٤) مسند أحمد (ج ٨ ص ٢٧٠)
(٥) المسند (ج ٦ ص ٢٠٠)
(٦) شرق ، بفتح الراء وإسكانها : ضياء ونور.
(٧) صحيح مسلم (صلاة المسافرين حديث ٢٥٣)