المسائل وعن المتشابه من الآيات وكل ما لا ينقدح فيه معنى معقول. فيقول فى معنى المتشابه : ما معنى «الر» و«كهيعص» و«حم عسق» ، إلى غير ذلك من أوائل السور؟ ويقول : «أترى أن تعيين هذه الحروف جرى وفاقا بسبق اللسان ، أو قصد تعيينها لأسرار هى مودعة تحتها لم تصادف فى غيرها؟ وما عندى أن ذلك يكون هزلا وعبثا بلا فائدة».
ويشكك فى الأحكام : ما بال الحائض تقضى الصوم دون الصلاة؟ ما بال الاغتسال يجب من المنى الطاهر ولا يجب من البول النجس؟ ويشككه فى أخبار القرآن فيقول : ما بال أبواب الجنة ثمانية ، وأبواب النار سبعة؟ وما معنى قوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ١٧] ، وقوله تعالى : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر : ٣٠] أفترى ضاقت القافية فلم يكمل العشرين؟ أو جرى ذلك وفاقا بحكم سبق اللسان ، أو قصدا لهذا التقييد ليخيل أن تحته سرا ، وأنه فى نفسه لسرّ ليس يطلع عليه إلا الأنبياء والأئمة الراسخون فى العلم ، ما عندى أن ذلك يخلو عن سر وينفك من فائدة كامنة ؛ والعجب من غفلة الخلق عنها لا يشمرون عن ساق الجد فى طلبها.
ثم يشككه فى خلقة العالم وجسد الآدمى ويقول : لم كانت السموات سبعا دون أن تكون ستا أو ثمانى؟ ولم كانت الكواكب السيارة سبعة والبروج اثنى عشر؟ ولم كان فى رأس الآدمى سبع ثقب : العينان والأذنان والمنخران والفم وفى بدنه ثقبان فقط؟ ولم جعل رأس الآدمى على هيئة الميم ويداه إذا مدّها على هيئة الحاء ، والعجز على هيئة الميم والرجلان على هيئة الدال بحيث إذا جمع الكل يشكل بصورة محمد؟ أفترى أن فيه تشبيها ورمزا؟ ما أعظم هذه العجائب! وما أعظم غفلة الخلق عنها! ولا يزال يورد عليه هذا الجنس حتى يشككه وينقدح فى نفسه أن تحت هذه الظواهر أسرارا سدّت عنه وعن أصحابه ، وينبعث منه شوق إلى طلبه.
وأما حيلة التعليق فبأن يطوى عنه جوانب هذه الشكوك إذا هو استكشفه عنها ،