بدون البيان والوليّ المرشد المبين. ألا ترى كيف بدأ بالخليفة قبل الخليفة (١) في قصّة آدم عليهالسلام ، وجعل مدار الخلافة بالعلم والعصمة ، لئلّا يلزم نقض الغرض في التكليف.
وقد قال في موضع آخر في حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآله (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) (٢) وهو من شواهد ما ذكر الأكثرون ، من أنّ قوله تعالى (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ليس عطفا على (مُنْذِرٌ).
وأمّا ما قيل : «إنّ الهادي هو الله» فليس يفهم من العبارة ، بل المفهوم منها في العرف والعادة هو أنّه ثابت لكلّ قوم هاد منهم يهديهم سبيل الرشاد في كلّ قرن ، وإلّا تسلسل ـ وهو باطل ـ تعيّن أن يكون لكلّ قوم هاد معصوم من الله ، وهو الإمام ، وهو مذهبنا من أنّ زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم ، وبطل ما زعمه المخالفون من عدم وجوب ذلك ، ثمّ بناء على المختار ظاهر الإطلاق في الآية والبعديّة في الرواية عدم الفصل ، فتعيّن أن يكون عليّ عليهالسلام إماما بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله بلا فصل ، مضافا إلى الحصر المستفاد من قوله «بك يهتدي المهتدون» : كما عرفت. والحمد لله وله النعمة على إتمام النعمة ونصب الحجّة وإيضاح المحجّة.
__________________
(١) ـ أسرار الإمامة ٢٠٣ ـ ٢٠٧ ؛ نهج الإيمان ٤٩ ـ ٥٠ ، وفيه : قال الله عزوجل منبّها على وجوب الإمامة (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ـ الإسراء : ٧١ ـ وظاهر اللفظ الشريف وعمومه يقتضي وجود الإمام في كلّ زمان. وقال جلّ من قائل (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ البقرة : ٣٠ ـ بدأ سبحانه بالخليفة قبل الخليقة ، وقال سبحانه (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) ـ فاطر : ٢٤ ـ وهذا عامّ في سائر الأمم ، وعمومه يقتضي أن كلّ زمان حصلت فيه أمّة مكلّفة بدين لا بدّ من نذير ، ففي أزمنة الأنبياء عليهمالسلام هم النّذر للأمم ، وفي غيرها الأئمّة عليهمالسلام ، وهو دليل ظاهر على أنّه لا يخلو كلّ زمان من حافظ للدّين ، إمّا نبيّ أو إمام.
(٢) ـ فاطر : ٢٣.